بسم الله الرحمن الرحيم
رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة
فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم عن ذلك
فقالوا إن هذا اليوم أظهر الله فيه موسى
وبني إسرائيل على قوم فرعون فنحن نصومه تعظيماً له
فقال النبي صلى الله عليه وسلم
نحن أولى بموسى منكم فأمر بصومه
وقد ورد في فضل عاشوراء أثار كثيرة منها أنه تيب على أدم فيه وكان خلقه فيه وفيه أدخل الجنة وفيه خلق العرش والكرسي
والسموات والأرض والشمس والقمر والنجوم والجنة وولد إبراهيم الخليل فيه وكانت نجاته من النار فيه وكذلك نجاة موسى ومن معه
وأغرق فرعون ومن معه فيه وفيه ولد عيسى وفيه رفع إلى السماء وفيه رفع إدريس مكاناً علياً
وفيه استوت سفينة نوح على الجودي وأعطى فيه سليمان الملك العظيم وأخرج يونس من بطن الحوت
وردّ بصر يعقوب عليه وخروج يوسف من الجب وكشف ضر أيوب وأول مطر نزل من السماء إلى الأرض
كان يوم عاشوراء وكان صومه معروفاً بين الأمم حتى قيل بأنه فرض قبل رمضان ثم نسخ به وصامه صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة ،
ولما دخل المدينة أكد طلبه حتى قال صلى الله عليه وسلم
في آخر عمره الشريف إن عشت إلى قابل
لأصومنَّ التاسع والعاشر فانتقل إلى الرفيق الأعلى
من عامه ولم يصم غير العاشر لكنه رغب فيه
وفي صوم التاسع والحادي عشر
بقوله صلى الله عليه وسلم صوموا قبله يوماً وبعده يوماً وخالفوا سنة اليهود أي حيث أفردوه بالصوم .
وروى البيهقي في شعب الإيمان من وسع على عياله وأهله في يوم عاشوراء وسع الله عليه في سائر سنته
واعلم أن ما أصيب به الحسين رضي الله تعالى عنه يوم عاشوراء إنما هو الشهادة الدالة على مزيد رفعته ودرجته عند الله
وإلحاقه بدرجات أهل بيته الطاهرين فمن ذكر ذلك اليوم مصابه فلا ينبغي أن يشتغل إلا بالاسترجاع امتثالاً للأمر وإحرازاً
لما رتبه تعالى عليه بقوله
(( أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ))
والحمد لله رب العالمين
منقول من كتاب
مكاشفة القلوب
للغزالي