بسم الله الرحمن الرحيم
تعريف طريقة الصوفية عند السادة الرفاعية
موجز الحقيقة الكلية
طرق المأوِّلون طُرقا ً كثيرة بتعريف طريق الصوفية , وكل أفصح عم فهمه وما انكشف له من مطلسمات أحكام الطريق الذي كان عليه صلى الله عليه القوم رضي الله عنهم .
ولم يأت في جُملهم وتفاصيلهم أوضح سراً , وأجمع معنى , وأبهر حقيقة , وأدق أسلوبا من كلام سيدنا وسندنا الإمام الرفاعي رضي الله عنه , وقد أفردت من كلامه الشريف ومباحثه العالية في هذا الباب رسالة شريفة سميتها (( الحقيقة الكلية )) في اصل طريق السادة الصوفية , وساوجز هنا الكلام كل الايجاز على أصل هذا الطريق , إيقاظا ً لمن ذهب خلاف الصواب والله المعين :
الطريق إلى الله الشرع الشريف , والتزام طريق أهل السنة والجماعة , والاستقامة كل الاستقامة على مايرضي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من كل قول وعمل , والتحقق بحال النبي صلى الله عليه وسلم والتخلق بأخلاقه الكريمة , ولُب هذا صدق التوحيد , وتأييد كلام الله تعالى , وتعضيد سنة نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام , وهدم البدع السيئة بالحكمة والموعظة الحسنة , والانتهاض لنفع الناس كلهم , فإن خلق الله عياله , وأحبهم اليه أنفعهم لعياله , وترويح النفس بالمباحات , وإسعافها بالرخص , وحسن الظن بالناس مع الغيرة لله , والاهتمام بإعلاء كلمة الدين و وعز المسلمين , والطاعة لولي أمر المؤمنين , والانتصار لاهل الحق , والإعراض عن أهل الباطل , والزهد المحمدي , أي أنه يكون زاهدا ً بنفسه ساعياً بالخير والسعة للمسلمين , راعياً حق الأخوة الإيمانية , ثم حق الرحم , حافظاً للود , موفيا بالعهد , واقفاً عند الحد , وإلا فما طريق الصوفية رهبانية وانقطاع في الصوامع عن الخلق , ولايصح للعاقل أن يظن أن من انفرد من مشاهير القوم مع ربه في خلوة وانقطع عن الناس أنه أحكم طريق القوم , كلا بل هو رأى عجزه عن القيام بمصالح الناس لضعف نفسه وشتات حالها , فانفرد لإصلاح نفسه أولا وهو الأهم , وكيف يداوي الناس وهو مريض ,
وللحكيم العاقل أن يتدبر زهد الإمام أبي بكر والإمام عمر والإمام عثمان والإمام علي رضي الله عنهم أجمعين , وزهد أعيان الصحابة عطر الله مضاجعهم وكيف أعزوا الدين , وأيدوا كلمة المسلمين , وفتحوا الأقطار , وشيدوا الآثار , وعملوا عمل من لا يموت في الله تعالى ,
وأما في أنفسهم فكان أحدهم يترقب الموت في كل طرفة عين , فعليهم سلام الله إذهم الحكماء في دين الله , ولهذا المجمل تفصيل , والكل جملة منه ألف شاهد من السنة والكتاب وألف دليل , فمن أراد أن يكون صوفيا ً فلينهج هذا الطريق على هذا المنوال , وإلا فهو بطّال , وإن الله يكره العبد البطال .