بسم الله الرحمن الرحيم
واجب من أهم الواجبات
يُهمله الممقوتون بلا مُبالاة
وهنا فوائد من فوائد الحضرة لا يستغنى عنها , برز رسول الله صل الله عليه وسلم من خدر الغيب إلى عالم الظهور , وصعد على منصة الأمر والنهي وقبض أزمة الحال والعلم والحكمة , فهدى الله به العباد إليه , ودلهم به عليه , وجعله باب القرب منه , ولسان الحكمة الراوي عنه , وانقسم سر شانه الجامع المحمدي إلى طرازين , طراز حال وفيه عالم المعاني , وطراز شرع وفيه عالم الإعمال , فطراز الحال الذي انشق عنه عالم المعنى , هو التهذيب الروحاني ومعالجة النفس ومحاسبتها والترقي في عالم المعنى للتحلي كل التحلي بحاله صلى الله عليه وسلم وهذا كان سهم أهل بيته عليه وعليهم الصلاة والسلام وأوفرهم منه حظا البضعة الطاهرة النبوية السيد فاطمة ثم زوجها أسد الله الهزبر الكرار علي المرتضى عليهما السلام والرضوان , منهما سرى هذا السر في الأسباط الطاهرين أئمة أهل البيت الكرام إلى الخلف الصالح ولي الله تعالى الإمام محمد المهدي عليهم جميعا الرضا والسلام , ثم تدلى إلى كل غوث فاطمي يجلس على مرتبة التصرف في مقامه المعروف عند أهل الله هذا الشأن رضي الله تعالى عنهم . ولما كان أهل البيت المحمدي معدن حاله عليه الصلاة والسلام ووارث هذا السر عنه وهم المفرعون لهذا الحكم المعنوي في قلوب الأمة , تبعهم في طريقهم الأولياء والعرفاء والإبدال والنجاء والأقطاب والصديقين , وأهل المقامات والأحوال المتمكنون , وعكف على أعتابهم السالكون , واهتدى بهديهم الموفقون , ولهذا السر المحكم أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم . للأمة بمحبتهم ومودتهم قال الله تعالى لنبيه أفضل الصلاة والسلام ((قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ))
فلم يسال المختار أجرا على الهدى *** بأمته إلا المودة في القربى
وقد دلت كل الآيات والأحاديث المرويات على محبتهم , ولزوم مودتهم لصحة التحلي بالحال النبوي فهم طرازه وأهله ومحله . فمن ابغضهم فقد انسلخ والعياذ بالله من بركة الحال المحمدي وعادى الله , وكذا كان دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لجدهم الإمام المرتضى عليه سلام الله ( اللهم وال من والاه وعادي من عاداه ) ومن سر الأمر بالحب لهم ما صح عنه عليه الصلاة والسلام (( أحبوا الله لما يغذيكم به من نعمه وأحبوني لحب الله عز وجل وأحبوا أهل بيتي لحبي )
وقال صلى الله عليه وسلم ( واني أوشك أن ادعى فأجيب واني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وان اللطيف اخبرني إنهما لن يتفرقا حتى يرد علي الحوض فانظروا بماذا تخلفوني فيهما )
وفي رواية (( فإذا ذهب أهل بيتي جاء أهل الأرض من العذاب ما كانوا يوعدون )) قلت : وذلك لأنهم حال النبي صلى الله عليه وسلم وسر ذاته الكريمة في الأرض وقال تعالى (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم )أي بذاتك أو بحالك ( وما ا كان الله ليعذبهم وهم يستغفرون )إذا ذهلوا عن أداء حقك وحق آلك لا عن قصد ولا عن عناد ومخالفة لأمر الله تعالى فرجعوا إلى الله واستغفروا الله لذنوبهم وأعظموا أمرك وأحبوا آلك وعرفوا حقك وقاموا بواجباته فهم حينئذ في أمان من العذاب وقد جعل
رسول الله صلى الله عليه وسلم النظر إلى وجه علي عبادة أي النظر بالحب . وهو صلى الله عليه وسلم حريص على الأمة رؤوف بهم رحيم , وبهذا أشار إلى عبادة لا تنقطع ما دام الآل الكرام في الأرض فإن وجه الرجل جاهه ومجده , ومن ذلك قول العرب نحن في وجه فلان , ووجه علي سلام الله عليه في كل عصر , فهو سيد آله في العصر وهو القطب الغوث الوارث , ولما أبهمت هذه المرتبة ترتب على الأمة النظر إلى وجه كل علوي من بني المرتضى , نظر المحبة المنبعث عن حسن الظن به , فان الغوث صاحب الزمان منهم رضي الله تعالى عنه وعنهم , وفي هذا من سر التعظيم لأوامر النبي الكريم ما فيه بلاغ وهذا بحث طويل وفصل جليل , يحتاج في كل جمله إلى تفصيل , ولكن الموفق يكتفي بالإجمال , في كل حال ومقال , والهدى هدى الله