{ الغربة الحقيقية }

{ الغربة الحقيقية }

الغربة الحقيقية وتحقق السيد االرواس رضي الله عنه فيها
فلقبه رسول الله صل الله عليه سلم بغريب الغرباء

{سلام قولاً من رب رحيم }

أسرار الإفاضة تظهر من بطون الصيانة لأهل الأمانة , الخلص الذين أغربوا الشأو والشأن , والزي والطراز , والحال والمقام , أولئك الغرباء حقاً
{ كن في الدنيا كأنك غريب , أو عابر سبيل , وعد نفسك من أهل القبور }
ليس الغريب غريب الوطن , بل الغريب غريب الهمة .

غربة القوم عن الخلق إلى الحق , غربة القوم الإنفراد بالشأن انقباضاً عن الكل إلى الخالق , انقطاعاً عن الحادثات إليه انجماعاً عن عادات الناس إلى أمره ونهيه , خروجاً عن فوق الفوق , وتحت التحت , وما دونهما وما ورائهما إلى علم الله , تجرداً عن كلية الكل , وجزئية الجزء , القائمين بذات المتجرد إلى فضاء محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم , وهناك فناء ينتج البقاء .
رأيت في بعض منظومات القطب الغوث الفرد السيد سراج الدين الرفاعي ثم المخزومي رضي الله عنه وعنا به , بيتين في هذا النسيج فخمستهما من نوعهما فقلت :

أذوب غراماً حين يبدو خيالكم *** وأحيا إذا ما رف فوقي ظلالكم
تسلطن في برج الشهود جلالكم *** أيا سادتي لما انجلى لي جمالكم

فنيت به عني وقمت بلا أنا

نعم إن دين الحب أن يترك السوى* * وينشر في محو الوجودات ما انطوى
أحبتنا رفقاً فقد هدنا النوى *** ومن العجب أن القلوب مع الهوى

تميل ويبقيها بميلتها الفنا

الغربة في هذا الطراز المسطور , والنظم المنشور , هي سهم القوم الذين عناهم حبيب الأرواح , شفاء القلوب , نبي الرحمة , سيدنا ونبينا ومولانا أبو البتول الزهراء صلى الله عليه وسلم , بقوله
(( الإسلام بدأ غريبا ً وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء , قيل ومن الغرباء , قال الذين يصلحون ما افسده الناس من سنتي , والذين يحيون ما أماتوا من سنتي ))
وفي رواية أخرى (( هم المتمسكون بما أنتم عليه اليوم الآن ))
وفي رواية أيضا ً (( أناس قليل صالحون في الناس كثير من يبغضهم أكثر ممن يحبهم ))

هذا شأنهم وهذه صفتهم , الحمد لله قد أعطاني ربي هذا الشأن ورزقني هذه الصفة ولم يزل يتحكم في سر هذه الغربة حتى لقبني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حضرة القبول : بغريب الغربا , وخاطبني بهذا الخطاب الأسعد , وتلطف بي , وقد قلت في معنى ذلك الفيض الهطال والمدد السيال :

قد كشف السر عن الرمز الخبا *** وقد رأيت للتجلي مشعبا
قال حبيبي والسرور طافح *** أهلا وسهلا ً يا غريب الغربا

{ كن في الدنيا كأنك غريب , أو عابر سبيل , وعد نفسك من أهل القبور }

هذه هي حقيقة الدنيا لمن عقل فأين من غاب عنا من المعارف لقد عبروا السبيل

وهذا شأن كل حي ونسأل الله حسن الختام

بارك الله فيكم آل الراوي جميعا ونفع بكم

{ الغربة الحقيقية } Ooouso10