بسم الله الرخمن الرحيم
الحمد لله تنزلاً من عالم الغيب ، المحفوظة من الشك والريب ، يرفع ذلك الحمد على أكف التنزيه والتقديس إليه سبحانه ليكون سبباً لرحمته ، ووسيلة لمغفرته ، والصلاة تدلياً إلى حضرة القدس تحف بمناديل التعظيم والتحية والتسليم ، ذات نبي الوجودات ، وسيد السادات ، الحبيب الذي أبرزه الله تعالى نبياً وآدم بين الماء والطين، والرسول العظيم القدر الذي خوطب بمنشور ( وما أرسلناك إلا رحمة لعالمين ) وعلى آله الأئمة تسليمات الله وتحياته ، إذ هم القائمون بإحياء طريقته ، واشرف عوارف رضوان الله الاعم يختص أرواح اصحابه السادة الكرام ، إذ هم المنتدبون لإعلاء سنته ، والسلام من السلام في كل حضرة ومقام على التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعلينا وعلى والدينا وإخواننا معهم والمسلمين . أما بعد فالهبد المتقلب على بساط الكرم ، الفارش خديه في باب عناية مفيض النعم ، المتخلي _ إن شاء الله _ عن كله وجزئه ، والمتبري بحول الله وقوته ( محمد ) ويعرف ب (المهدي بن علي بن نور الدينالرفاعي الحسيني ) ثبته الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة ، وأسبغ عليه وعلى محبيه وإخوانه والمسلمين مزيد نعمه الباطن والظاهرة ، إنه على ما يشاء قدير ، وبالإجابة جدير .
يقول : هذا كتاب سماه لسان الإلهام في حظيرة الإنعام ( فصل الخطاب ، فيما تنزلت به عناية الكريم الوهاب )خاطبت به الوارث مني ، والنائب عني ، ولدي في صلبية الروح ، ونتيجتي في كبدية الفتوح ، وعلم مظهريتي المنطوية حتى تنشر في ملك الله ، و ملكوت الله بإذن الله ألا وهو (محمد أبو الهدى بن حسن بن علي آل خزام الرفاعي الحسيني) ٌأقام الله له منبر الوقاية في جامع العناية حتى يكمل أمره و يبرز في مطالع السعادة فجره فتنبجس منه شمس لا تغيب من مطلع السعادة و يبدو منه وجه لا يخذل في مجامع السيادة إلى يوم الدين يوم يرث الله الأرض و من عليها و هو خير الوارثين.
و هنا أنا أقول له : أيها الوارث إن سر الله الذي دمجه في العناصر البارزة عند قيام الهياكل بمركبات عناصرها يلوح عليها من ذلك السر المندمج فيها نور يشهده أهل القلوب شهودا محضا و يحس بمساس حكمه كل محجوب و لكن لعدم انفتاق أرتاق قلوب المحجوبين تراهم في وهدة الغفلة عن حقيقة برهان ذلك النور و حكم الوراثة بناطقة ( إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده) قائم لا ينقطع و متصل لا ينفصل و المواريث المتسلسلة أعظمها ما كان من القلوب فإن القلوب حاكمة على الأجسام( و لله الأمر من قبل و من بعد) و إذا تورث العارف قلوب الأمة فقد ورث النبي صلى الله عليه وسلم و كذلك فإن ( العلماء ورثة الأنبياء)و من العلماء الوارثون للأنبياء؟ ما هم إلا العلماء بالله العارفون به المتحققون بحال نبيه صلى الله عليه وسلم المتخلقون بأخلاقه الذين هداهم الله به فآمنوا به و اتبعوه و نصروه و أيدوا سنته و بذلوا المهج في محبته و انطووا عن النظر إلى غير طريقته و تم لهم التمكين الأشمل و الثبوت الأرسخ و الوقوف في ساحة آدابه فلا يقولون إلا بقوله و لا يعملون إلا بعمله و لا يعولون في الطريق إلى الله إلا عليه و لا يرجعون في دين الله إلا إليه فهو بابهم في طريقهم و محرابهم في تحقيقهم برخصه يرتاضون و بعزائمه يسيرون و إليه تنتهي هممهم و به تشرف شيمهم فلا زيد عندهم دونه و لا عمرو و لا نهي لديهم بعده و لا أمر إذ هو المعصوم المتكلم عن الله و المؤيد الآخذ من الله(و ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى).
و ها أنا و الحمد لله قد حققني الله بمرتبة الوراثة الكاملة و النيابة الشاملة للنبي صلى الله عليه وسلم و نور لي بذلك سري و جمع علي شتات أمري .
نعم اقتضت حكمته أن أقوم في برقع الخفا تحت ثوب الانزوا عن الآخرة و الأولى إقبالا بالقلب على الله تعالى.
و قد ألهمت في حضرة حالي إلهاما سماويا لا أراه إن شاء الله تعالى إلا متدليا من حضرة القدس متنزلا بحبل الروح غير مماس لغبار النفس كشف لي منه حل رصد هذا الفرقان الملحوظ من قرآن مدد اللوح المحفوظ و ما ذلك إلا إنك بتأييد الله و بحوله و قوته و لا حول و لا قوة إلا بالله أنت هو الوارث لبرهاني و المتكلم بلساني و المترجم لنظام بياني و الناطق بتلك الرقائق و الناثر لدرر هاتيك الحقائق.
و على ذلك و للسر المطلسم هنالك كتبت لك بقلم المدد الإلهي و الفيض المحمدي كتابي الذي طبعته فيك و طرزت به حواشي معانيك و سميته(بوارق الحقائق) فلمعت في سماء حقائقه عجائب البوارق و ما هو إلا آية غيبية كشفتها شارقة عينية، لتكون بركة يهتدي بها أولوا الألباب( يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب).
فقل في حضرة الاعتبار بين الصغار و الكبار ما قلته بلسان التعميم لمخاطب التخصيص:
تجرد من مكابرة و جحد إذا امعنت في صحف البوارق
و أوصل قلبك المقطوع فينا و قطع في محبتنا العلائق
فنحن بوارق النفحات غيبا تبدت من بوارقنا الحقائق
فخذ منا السبيل إلى المعالي بهمة عاشق و بقلب صادق
ودع و هم الوجود و سر إلينا و لا تلو العنان لكل ناعق
فهذ اليوم برهان التجلي له منا لسان الفتح ناطق
عصابتنا على إثر الرفاعي غدت سفن السلامة للخلائق
على قدم النبي لها عهود مباركة المعاني و الوثائق
طريقتنا جلت سر التدلي بحال دونه كل الطرائق
سيملأ نورها الأقطار طرا و يلمع في المغارب و المشارق
و تبرز من كوامنها شؤون جليات الدقائق و الرقائق
و تفحيم من حواسدها قلوبا بها من صارع البهتان طارق
و يبهت جاحد و يذل باغ ويتعظ المخالف و الموافق
و يظهر من فوارسنا أسود طووا في الله أجرام العوائق
و باعوا أنفسا لله حتى به سبقوا ارتقاء كل سابق
كذلك إن أراد الله أمرا أقام له اللواحق في السوابق
وقال لأهله كونوا فكانوا و أيدهم و إن فجر المنافق
و ألبسهم دروع الحفظ لطفا فصاروا فيه تيجان المفارق
و ها نحن الذين أراد ربي لنا هذا المقام بغير عائق
فأكرمنا ببرهان و علم به حكم منيعات الدقائق
و قال خذوا القلوب إلى جنابي فعلمي سابق و السر لاحق
و لا تكن همتك ساقطة بصادمات دغدغة الواهمين و لا بشقشقة ألسن الحاسدين و لا بزفرات نفوس المنكرين و لا بتصاعد دخان عوائق المستكبرين و كن شريف الهمة ثابت العزم صحيح العزيمة
و اعلم أن الله جلت قدرته و علت عظمته قد امتن علي بواسطة نبيه صلى الله عليه وسلم و بتوسل روح عبده ووليه سيدي السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه فجعلني المظهر المظهر لأسرار شريعة نبيه العظيم على صراطه المستقيم و المجدد المؤيد للطريقة الطيبة الأحمدية التي كادت تعفو من صفحات الوجود آثارها و تنطوي أخبارها إلا على نواعم الألسن و زيابق العيون و إنما المدد الرباني الشامل ببرهان الاختصاص روح الغوث الأكبر و الإمام الأشهر سيد طوائف القوم الذين برأهم الله من اللوم مولانا و سيدنا السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه و عنا به أقام له طاب مرقده و لألأ فرقده منبرا لا يهدم و سرا لا يكتم و علما لا يطوى و لواء لا يلوى فهو عروس حضرة الغيب و جامع الولاية الجامعة المحمدية المصونة من الريب و قد رأيت أن هذا الوعد الثابت و إن الله لا يخلف الميعاد قد نجز بظهورنا و تم ببروز نورنا نعم هي قصة منها حصة ألخصها لك من (البوارق) ومما يضاف إليها من حضرة الحقائق فاجعلها لك روحا و خذها لك في طريقك فتوحا و تسلق بها رتب المعالي في الله و اجتذب بها القلوب المهيمة بجناب الله
فوصيتي التي ارفعها إليك ، و أجعلها حجتي بين يدي الله عليك: أن تجانب أهل البدعة ، و أن تعتزل طرق الريبة في منهاج العقيدة و أ، تصرف وجهك عمن خلط أمر الدين بالدنيا و تذبذب في مقصده بين الآخرة و الأولى و سر بقلبك إلى ربك و إن خالف ظاهرك ما أراده المفتونون و باعد مظهرك ما رماه و ما رامه المحجوبون فإن أنظار أولي الحجاب و أرباب الفتنة أسارى الشيطان و النفس غاية استدلالهم قائمة بما انصرفت إليه آراؤهم و ما زجته طباعهم و أهويتهخم و الحق وراء ذلك فكن عن غير ما نبديه لك من أسرار الله بمعزل (قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون) و قد رأيت ما نسجه كف المدد الفياض في ( البوارق) و هنا سأورده لك و أنت المعني به لتفهم ما أفاض لك المانح المتفضل من سحاح كرمه و فياض نعمه و ليقرأ هذا من له روح سامية و يفهمه من له أذن واعية و يتذكر به من له قلب و يعيه من له لب و لتعلم عوالم الله و المنة في كل الأمور لله:
أن في ليلة إتحافي بمرتبة الغوثية و القطبية الشاملة خاطبني في الحضرة حبيبي صلى الله عليه وسلم بنص( يا غريب الغرباء) و فيها إشارة نبوية لما أسعدني في الله به من النظر الخاص المحمدي و شهادة صادقة بأني و له الحمد ببركة إسعاف توجهات سيد الوجود صلى الله عليه وسلم غريب في غرباء القوم أهل الحضرة و الغريب فيهم هو المتمحض بالدين فإن الدين غريب و قد بدأ غريبا و سيعود كما بدأ .و هذه النشأة النورانية الطالعة من فلك عناية المصطفى صلى الله عليه وسلم بهذا الخطاب تأييد محض خصني به عليه من الله أتم الصلاة و السلام و الحمد لله الذي بنعمته تمم الصالحات و لا زالت تحفني العناية في مرتبة التصرف فتزيدني تمكينا و ترقيا في مرتبتي فصففت الصفوف في ديوان الله و أحكمت المراتب و نظمت المواكب و استكملت حكم التصريف بكل ما سنح به القدر و ساعدت به المشيئة و تعلقت به الإرادة و أفيض إلي بالواسطة الكريمة المحمدية شأنا شأنا و طورا طورا و حالا حالا و مقاما مقاما فانعطفت إلي الأنظار النبوية و توجهت إلي عوارف الإمدادات الربانية فصعدت في مرتبتي بلا نزول و تألقت في مطلع شمس مرتبتي بلا أفول و انقضت ستة أشهر لي فارتفعت همتي اشتغالا بربي و انمحاقا عن صفاتي بصفاته و انطماسا عن كونيتي بمراقبته و انعداما عن وجودي بسلطانه فخلعت ثوب التصرف و نزعت بردة الاشتغال به فرارا إلى الله تعالى فصادف ذلك قبولا حسنا فأفرغت عني بإلباس مني إلى الصاحب الأول السعيد الشريف الكامل الأحمدي المشرب و الخرقة (أبي الكمال عبد الله صابر الدار) و خلعت في مرتبة المحاذاة بخلعة الغوثية أربعة في العصر و قمت أجوب الأقطار و الأمصار منطويا عن كلياتي و جزئياتي في علم الله أسبح ببحر كرمه سبحانه و تعالى متقلبا بأنواع النعم على بساط مائدة النبي صلى الله عليه و سلم .
انتشار الطريقة الرفاعية على يد النائب الأول للحضرة المهدوية
قد رسم لي و لله الحمد في الحضرة النورانية مرسوم دولة الفقر من طريق الإرشاد المحض و كتب لي منشور المدد و سيعقب هذا الخفاء ظهور و هذا الطمس بروز و نضج نوبة إرشادي عباد الله إلى الله بحال رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريقة ولده و محبوبه ولي الله الأعظم السيد أحمد الكبير الرفاعي رضي الله عنه و هنا سأقص ما يتلى على سامعة الأكوان من حكم المرسوم الإلهي و المنشور النبوي لينشط إلى الله قلب كل سالك إليه سبحانه عزف عن هذه الدنيا الدنية و طارت همته إلى بارئ البرية
بشرت في حضيرة القرب من محضر من رسول الرب و صفوف سادات الحضرات مصفوفة و صناديد المحفل على تلك الحفلة النورانية عاكفة بأن الله و له الفضل و الحمد و الشكر سيجمع بي شتات السالكين و يصل بي المنقطعين و ينشر علم إرشادي بمشارق الأرض و مغاربها و يسري سر الله الذي طواه في و مهده باسمي في ملك الله بين المسلمين من العرب و العجم و تطير خرقتي و كلمة الإرشاد المأخوذة عني إلى أقصى البلاد الشاسعة و يظهر لي رجال يأخذون بكلمتي و يدينون الله بعقيدتي و يتقربون إلى رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم بطريقتي و يرفع لي لواء في المغرب يراه أهل المشرق و لواء في المشرق يراه أهل المغرب و تعكف على اسمي في المغرب قلوب أمة من بني الحسن السبط العظيم الإمام ابن الإمام الكريم ابن الكريم و تشتغل بمحبتي لوجه الله قلوب خلص من علماء الغرب الصالحين و يتبعهم أمم من العامة الموفقين
و كذلك يلمع شعاع شمس معرفتي في أقصى المشرق و تجتمع عليه مستضيئة بنوره أمم من عرب المشرق و عجمه و تنبجس من ماء أسراري مع الله جداول هداية في الأقطار المصرية و اليمانية و في البقاع المطهرة الحجازية و تكثر موائد هذا المدد المهدوي و تعظم حفلها و تمد جفانها في جزيرة العرب يقوم بها رجال كالأقمار يؤيد الله بهم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم
و يسري السر المعني إلى الروم و يجوب بلاد الأكراد و يطوف في أصناف أجناس العالم من المسلمين فتضيء به أفئدة و تنطق به ألسنة و تخزى به حساد و ينصر به أحباب
و منبعه نائبنا الذي نوه بذكره و أضمر بسره و صرح بأمره فإنه سينشر في بدايته نشر عبيرنا و يلفت الأنظار إلى نور ضميرنا فيعرف الأمر بديار الشام و حلب و بغداد و البصرة و الموصل ثم في القسطنطينية ثم و ثم إلى ما شاء الله يرفع ذلك النور الأحمدي إلى الواحد و الاثنين و يرتقي سيار العزم بالعزيمة و حكم الوراثة من عالم الغيب إلى عالم الشهادة و يفتح الباب و ينطق لسان الكرم و تسطر السطور و يظهر المنظوم و المنثور و تختلف الأساليب و تجري الأنابيب و تنشر الأعلام و تختبط الأوهام و تبدأ المشابهة المحمدية بمحض الوضع الإلهي فأول ما يبرز له و يبارزه بالحسد و العداوة فرقة جهل غير مرضية من حساده في البليدة التي نشأ فيها و تمتد هناك من أطراف تلك القرية و هاتيك النواحي إيه أعناق الحاسدين و تلتصق به قلوب المقبولين
ثم يفضل له منها بالهجرة لتعظم الرفعة و تعلو الرتبة و يكمل العز و السعادة و يشتهر الحسب و السيادة و في كل طارفة يقال له من حضيرة الكرم (إنك بأعيننا فلا تك في ضيق مما يمكرون)
و تقيمه ناهضات المدد فيقف على منبر الإقبال صاعدا بلا هبوط عزيزا بلا ذل مؤيدا بلا رد محميا بلا خزي معلما بلا تعب محترما بلا نصب لا تنفك ترعاه عين رسول الله صلى الله عليه وسلم بنظر الوقاية و الحراسة. و البركة و الأمن و الأمان و شريف المكانة و المكان و علو القدر و الشان ظاهرا على من عاداه ناصرا لمن والاه محفوفا بألطاف الله محببا لأحباب الله قائما بنصرة السنة و هدم البدعة في زمن صعب على النفوس فيه القيام بامر الحق لكثرة المخلصين و المدلسين و سيؤيده الله بطبع كريم و عزم متين و قلب واثق و لسان صادق بالبيان ناطق و سيقيم له و يقعد و يذل الله له ويعز و يقطع لأجله و يصل و ستعمر به الزوايا و تبرز بهمته من أسرار هذا الطريق الأحمدي الخبايا و قد ألى الله على كرمه أن يقطع عنه من خبثت طويته و ساءت سريرته و أن يلحق به من طهرت نيته و طابت سريرته عرف ذلك أو لم يعرف بسبب أو بغير سبب و سيحيي الله بإرشاده قلوبا عفت و يصل به حبالا انقطعت يقوم مظهرا من مظاهر الحق جبارا لقلوب الناس قهارا لبعضها طيب الوداد. حلو المعاشرة صعبا هينا سليم القلب يطهر الله به عقائد كثير من الأمة يلتحق به أناس من المرضيين و أمة من المقبولين و ما أكثر بشأنه من يعتقد و من ينتقد (سنة الله في الذين خلوا من قبل و لن تجد لسنة الله تبديلا). نعم و إنه لحكاك للقلوب ذو قهارية على النفوس يبرز بقالب الظهور في جميع الأمور هذا يقول فيه شرق و هذا يول غرب و هذا يقول اعوج و هذا يقول استقام :
قد أكثر الناس أغلاط الظنون بنا و فرق الناس فينا قولهم فرقا
فكاذب قد رمى بالظن غيركم وصادق ليس يدري أنه صدقا
تتدرج به معالي ظهوره حتى يصل بإمام المسلمين سلطان الموحدين فيقربه منه فتجأر عليه النباحة من موعوعة الحاسدين لتبعده عنه فيفعلون و لا يفعلون ، و يتكلمون و لا يتمكنون لامر أثبتته العدالة الإلهية و أحكمته الحكمة الربانية و ذلك أن من حكم طريقنا الذي سلكنا الله منهاجه و ألزمنا معراجه جمع الكلمة على ولي الأمر. و صدع من يريد شق العصا له، و الاهتمام بحماية شأنه و عزة أمره و صيانته من المغتالين الغاشين في الدين و النفس و التعصب عليهم لله تعالى و الحب الخالص في الله لملك الإسلام الذي مسح الجبار بيده على جبهته و لم يكن في طريقنا من شبق و لا عبق يؤول إلى أمر دنيوي كحكم و عدل و ظلم و أمر و نهي ووهب و سلب بل نحن مأمورون أن لا ننازع الأمر أهله و أ، نكل أمرهم إلى الله و أن نقوم بهمة الباطن بأثقالهم لوجه الله اعتناء بشأن أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا و إن الله سيلبس صاحبي و نائبي طيلسان المجد المطرز بطراز السعد و يعطيه قوة بشأنه تمكنه من إعلاء كلمة الحق و إعزاز شريعة النبي الكريم عليه أكرم الصلاة و التسليم و سيلحق به اثني عشر نقيبا من المختارين في الحضرة ستة من أهل الظهور و ستة من أهل الخفاء و سيتبعهم بأربعين من أهل الإرشاد و أولي العلوم و الاستعداد و سيقرع الغائش و يغرس الشجرة في النيل بعد الغابش
و ستثمر تلك الواحدة إن لقحها الحظ بالعشرة و تكثر هذه البركة المحمدية المنتشرة لكنه يثقل الحمل على نائبنا بهذه الخدمة المهمة لمخامرة فساد في أكثر الأخلاق من الأمة حتى ترى أن طعامه يؤكل و يكفر و نيله يؤخذ و لا يذكر و عرفه يتواصل و لا يشكر و تنبحه كلاب الحاسدين و تغاظ منه نفوس الجاحدين و تمتلئ حقدا عليه قلوب المبعودين تحت مطارق أوهام لا حقيقة لها و عوائق حسد نشأ من مقت لا أصل لها و سيوطد الله ريض قلبه بغربته بحال روحاني و سر رباني و نهضة من نهضات الرسول و نظرة من نظرات جدته الطهر البتول لجبر كسر في قلبه حدث من غربة اعترته في زمانه في إخوان دينه في جنسه في أهل بلاده في إخوان حرفته في عشيرته في فصيلته في بيته في كل حركة من حركاته و سكنة من سكناته مع وحدة له في كثرة و جمعة له في وحدة و غنى له في فقر و عوالم له بانفراد إلى الله تعالى و كل من لحقته كلمة مبايعته في طريقة الله لا حجاب له عن الله و لا عن رسوله إلا بخروجه من الإخلاص لله في محبته و قد تجلى له بنا المجالي و ترقص طربا بظهور نور إرشادنا على يده الأيام و الليالي و يجتمع عليه الأبرار و يجيء لزاته الأخيار و يحيى به الزوار و تعمر به الديار و يا لله العجب من مكي يتسلل و عراقي يتصلل و قروي يتضحضح و شامي يتبجح و بدوي يتأفف و رومي يتصلف و سالك بعد اكتسائه بالخرقة ينقطع و بوهدة الخزي ينصرع و نسب من الماء يغاش بدم الشيطان و رفيق بيت طعامه الزور و البهتان و ذا و ذا و الآخر و ذاك و الرجل الذي هناك و صاحب الشبكة و الشراك و المدنس المجنس و الليل إذا عسعس و الجماعة على الأحدوثات و المتطلعة للفانيات، و المترقبة للهنى و الهنات و الذاكرة للدرهم و الدينار و الزائرة للحطام و الاختبار و المهينة تارة المعظمة أخرى و السابحة إلى الانتقاد مع النكث و الاعتقاد مع البشرى و الحائرة ماذا تفعل و الناقشة حسبما تتفعل و المنقطعة و أعظم حبال الله الأرضية بيدها و النائمة ليلة على غرضها و ليلة على عهدها و المتنضنضة على طريقها بشق زيقها و النامطة بحالها على مجالها إن دعيت إلينا أجابت نفسها و خدمت حدسها و جانست حلسها و كتاب الله الحجة علينا و عليهم و رسول الله الائم بالدعوة الواجبة الإجابة إلينا و إليهم و سيعمر مرقدي و يبرز في فلك السعود فرقدي و أنا الخاتم الصديق المقرب المؤيد الملحوظ المحفوظ الدرة المصانة في خزانة الغيب المحمي بإذن اله تعالى من صادعة الشك و طارقة الريب و أنا شيخ الزمان و مرشد الاوان و صاحب العصر و موجة بحر المدد الفائضة من قلب سيد البشر صلى الله عليه وسلم و هذا حبل نوبتي قائم بإحياء سنته و طريقتة فهلموا يا عوالم الله إلى باب الله الطريق الصحيح إلى الله و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .
أيها الوارث:
هذا نص أنت به المقصود و مدد أنت به الممدود فلا تثقل قلبك بحال المردود:
دع عنك حكما صحبة المردود و اتركه بين سلاسل و قيود
دهمته صادمة القضاء بصدها فزوت به عن عهده المعهود
و لربما أهدته وهما نفسه رمزا أتى في طية المنشود
فتأخرت عن زعمه أحكامه فمضى بها يهوي بمرط صدود
قل أنت يا مغرور جهلك قد قضى فيما فهمت بمهبط و صعود
أعطتك نفسك من إشارة عارف حظا و إنك لست بالمقصود
هي أحرف تملى على أصحابها بصدور حكم سابق وورود
الله أكبر كم تقرب مبطن و عليه جهرا كسوة المطرود
للعلم ذوق فيه أمر كامن و لحاله في الفهم حال شهود
و لكل باطن طور حال ظاهر عدم له في العين حكم وجود
يأتيك بالإيمان يجهر كافر فاعجب لموجود على مفقود
و يجيء يبدي الاعتقاد منافق متلوك بلسانه المعقود
و يقوم يقسم أنه لك عاشق خب على كتفيه دلق حسود
و يميس في شكل المحبين الأولى من في جوانحه عناد يهود
قسم لها حكم بطية غيبها مدت بسابق شأنها الممدود
هذا أبو بكر و لو حمل الغضا و لذا أبو جهل بلا مقصود
فاعمل بطور المصطفى علم الهدى في أمري المقبول و المردود
فلكم طوى حساده كيدا له بلسان ذي صدق وفي عهود
و يعدهم من لم يكن يدر بهم من ركع في قومه و سجود
محقتهم الآيات في بهتانهم فمضوا كعاد إذ عدوا و ثمود
و أعز ربك دينه و نبيه رغما لكل مكابر و جحود
فاثبت أخا العرفان و انشر راية نبوية في نهجك المسعود
و اسلك بها إثر الرسول مصابرا لتكون تحت لوائه المحمود
و لتعلم أن أكرم المواهب العلم و العقل و شر المصائب الظلم و الجهل و هذه وصايا من كلام السلف جهل محلها من جهل و عرف من عرف تعين المتقين إن شاء الله تعالى على مقتضى الدين نفع الله بها عموم المسلمين و قد كان الأولون أحرص منا لأنفسهم على الخير و أكره للشقاء و الضير و أكثر منا تجربة و سبرا للأمور و أقوى حيلة في استدفاع الشرور على علم صحيح وقفوا و ببصيرة ناقدة و أذواق سليمة عرفوا فما دونهم من مقصر و لا فوقهم من محسر هيهات أن ندرك ما لم يدركوه من مهم الوجل و الأجل أو يهجم بنا العقل و العلم على ما لم يهجم في طلب النجاة و الفضائل و ستقف على بعض ذلك من كلامهم يقينا و ترد من روي مناهلهم عينا معينا بحوله تعالى و قوته و هو حسبنا و نعم الوكيل.
وصية الخضر لموسى الكليم
على نبينا و عليهما أفضل الصلاة و التسليم
و هي كما رواه أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني في معجمه و الحافظ أبو القاسم علي بن الحسين الشهير بابن عساكر في تاريخ دمشق بإسنادهما عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرفعه (يا طالب العلم إن القائل أقل ملالة من السامع فلا تمل جلساءك إذا حادثتهم و أعلم أن قلبك وعاء فانظر ماذا تحشو به وعائك و اعزف عن الدنيا و انبذها وراءك فإنها ليست لك بدار و لا لك فيها محل قرار و إنما جعلت بلغة للعباد و التزود منها للمعاد و رض نفسك على الصبر تخلص من الإثم يا موسى تفرغ للعلم إن كنت تريده فإنما العلم لمن تفرغ له و لا تكن مكثارا بالمنطق مهذارا فإن كثرة المنطق تشين العلماء و تبدي مساوي السخفاء و لكن عليك بالاقتصاد فإن ذلك من التوفيق و السداد و أعرض عن الجهال و باطلهم و احلم على السفهاء فإن ذلك فضل الحكماء و زين العلماء و إذا شتمك الجاهل فاسكت عنه حلما و جانبه حزما فإن من بقي من جهله عليك و سبه إياك أكثر و أعظم يا ابن عمران و لا ترى أنك أوتيت العلم إلا قليلا فإن الاندلاث و التعسف من الاقتحام و التكلف يا ابن عمران لا تفتحن باباً ا تدري ما غلقه و لا تغلقن باباً لا تدري ما فتحه يا ابن عمران من لا تنتهي من الدنيا نهمته و لا تنقضي عنها رغبته كيف يكون عابداً و من يحقر حاله و يتهم الله تعالى فيما قضى له كيف يكون زاهدا هل يكف عن الشهوات من غلب عليه هواه أو ينفعه طلب العلم و الجهل قد حواه أو يكون سعيه إلى آخرته وهو مقبل على دنياه؟ يا موسى تعلّم ما تعلمت لتعمل به و لا تعلمه لتحدث به فيكون عليك و باله و لغيرك نواله يا موسى اجعل الزهد و التقوى لباسك و العلم و الذكر كلامك و استكثر من الحسنات فإنك تصيب السيئات و زعزع بالخوف قلبك فإن ذلك يرضي ربك و اعمل خيرا فإنك لا بد عامل سواه و قد وعظت إن حفظت فتولى الخضر و بقي موسى عليهما السلام حزينا مكروبا يبكي.
وصية أبي بكر الصديق لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما
و هي كما في ( طوالع البدور و مطالع السرور)أنه لما حصرته الوفاة دعاه فقال:
اعلم أن لك عملا بالليل لا يقبله الله تعالى منك بالنهار و عملا بالنهار لا يقبله الله تعالى منك في الليل و لا يقبل الله تعالى منك نافلة حتى تؤدي الفريضة و إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق في الدنيا و إنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل في الدنيا و الله ذكر أهل الجنة بحسن أعمالهم و تجاوز عن سيئاتهم و الله ذكر أهل النار بسوء أعمالهم فليكن العبد راهبا راغبا لا يتمنى على الله تعالى و لا يقنط من رحمة الله فإن أنت حفظت وصيتي فلا غائبة أحب إليك من الموت و هو آتيك و إن أنت ضيعت وصيتي فلا غائبة أبغض إليك من الموت و لست تعجزه.
وصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه للخلفاء من بعده
و هي : أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم و يحفظ لهم حرمتهم و أوصيه بالأنصار خيرا الذين تبوؤوا الدار و الإيمان من قبلهم أن يقبل من محسنهم و يعفو عن مسيئهم و أوصيه بأهل الأمصار خيرا فإنهم ردء الإسلام و حياة الأموال و غيظ العدوان لا يأخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم و أوصيه بالأعراب خيرا فإنهم أصل العرب و مادة الإسلام أن يأخذ من حواشي أموالهم و يرد ذلك في فقرائهم و أوصيه بذمة الله تعالى و ذمة رسوله صلى الله عليه و سلم أن يفي لهم بعدهم و أن يقاتل من ورائهم و لا يكلفهم إلا طاقتهم .انتهى .
حرمة دم المسلمين
روى الشافعي في مسنده عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
لا يحل دم المسلمين إلا بإحدى ثلاث ، كفر بعد إيمان أو زناً بعد إحصان و النفس بالنفس).
وصية علي بن أبي طالب لابنه الحسن رضي الله عنهما
كتبها من (قنسرين) بعد وقعة (صفين) و هي كما في (عيون المسائل) للطبري:
يا بني لو كان للخلق إله غير الله يعبد لجاءك رسوله بكتابه أو رأيت آثار ملكه لكنه إله واحد تعالى أن تثبت ربوبيته بإحاطة عقل أو بصر و لم يخبر أحد عن الله تعالى وصفاته و عن الأنبياء و شرائعها و سيرها و عن الآخرة و درجاتها بمثل ما أخبر نبيك محمد صلى الله عليه وسلم فارض به رائدا و للنجاة قائدا.
و قال أيضا: أربع كلمات لا تصيبون مثلها لا يرجون أحد إلا ربه و لا يخافن إلا ذنبه و لا يستحي أن يقول: الله أعلم و الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد و لا خير في جسد لا رأس فيه و قال رضي الله عنه: خير المواهب العقل و شر المصائب الجهل و الناس أعداء لما جهلوا و ليس الخير أن يكثر مالك وولدك و لكن الخير أن يكثر علمك و يعظم حلمك.
و قال رضي الله عنه: الناس ثلاثة عالم رباني و متعلم على سبيل النجاة و باقيهم لا خير فيه همج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستصبحوا بنور العلم و لم يلجأوا إلى ركن وثيق العلم خير من المال العلم يحرسك و أنت تحرس المال العلم يزكو على العمل و المال تنقصه النفقة العلم حاكم و صاحب المال محكوم عليه و صحبة المال تزول بزواله و صحبة العلم دين يدان الله تعالى به خير الادخار ما يكسب الطاعة في حياته و جميل الأحدوثة بعد موته مات جناة المال و هم أحياء و العلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة و أمثالهم في القلوب موجودة و قال رضي الله عنه: لا تنظر إلى من قال و انظر إلى ما قال .انتهى.
يعني أن الرجال يعرفون بالحق و لا يعرف الحق بالرجال لأن سوى الأنبياء عليهم السلام غير معصوم عن الخطأ و الزلل.
و قال سفيان الثوري: الحسنة في الدنيا علم نافع و رزق حلال و في الآخرة الجنة.
و دلت الأخبار على أن العلم النافع آية محكمة أو سنة ماضية أو فريضة عادلة أو فقه في الدين و ما زاد فهو فضول .
فإذا رجعت إلى قانون الإرث النبوي و منشور الحكم الإلهي عرفت سر الإتباع فعملت به و اطلعت على شؤم الابتداع فهجرته .
تقرير عالم قرشي عليم و در قول وارث محمدي حكيم
كلام الملوك ملوك الكلام
هذا حكيم الأولياء وولي الحكماء سيدنا الغوث الأكبر الرفاعي رضي الله عنه يقول: ذرات الحادثات محكومة لسلطان الخالقية و منها العالم الإنساني فهو مرؤوس مقدور لذلك السلطان الرباني و هو في قبضته و كل فرد منه مملوك لبارئه عبد له سبحانه و تعالى حر بالنسبة إلى غير الباري تعالت قدرته و الناس في مرتبة المملوكية و منزلة العبدية له سبحانه سواء فكلما صحت نسبة العبد إلى سيده جلت عظمته ارتفع في مقام عبديته عن إخوانه في نوعه و علا عليهم حتى إذا صار له من السلطان الإلهي معنى ترأس به لا بنفسه على غيره و سعة أمر رياسته هي بنسبة المعنى الحاصل له من قدس باريه جل و علا هؤلاء المرسلون في النبيين أعلى منهم رتبة و أوسع رياسة هؤلاء أولوا العزم في المرسلين أرفع مقاما و أعم أمرا هذا سيد أولي العزم نبينا البر الرحيم صلى الله عليه وعليهم أجمعين فهو في أولي العزم أعظم مكانة و أشمل دعوة و أوسع دائرة و أتم حكما و أبلغ حجة و امنع سلطانا لما حصل له من جليل المعنى القدسي فوق غيره من إخوانه النبيين و المرسلين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين.
و على هذا فالأمر النافذ القائم المحكم في عوالم الإنسان هو الأمر الإلهي و القائمون به بالتقليد الرباني الأنبياء و المرسلون و عنهم العلماء بالله حكماء الدين الذين هم ورثة الأنبياء و زمامه بيد نائب النبوة في كل عهد و زمن به يصول و يجول و يفعل و يقول و تخضع له الفحول و له الرياسة العامة في مقام النيابة المحضة الجامعة و بعده فالقوم أرباب البصائر المندرجون في ذيل العلم بحال النبوة و سر الخلق و حكم الخالقية فلهم كل بنسبة حصته رياسة على من دونه من إخوانه يعلمهم يزكيهم يرفق بهم لتعليمهم يغلظ عليهم لتأديبهم يسوقهم إلى بساط العلم و حضرة الفهم لينقذهم من وهدة الجهل من أسر الانحطاط عن هذا السر ليخرجهم من الظلمات إلى النور من ظلمات سفل الطبع ، ودناءة الهمة ، وقصر النظر وسقم الغاية إلى نور شرف الطبع ، وعلو الهمة ، وصحة النظر ، وجليل الغاية فيقوم اعوجاجهم ويصلح احديدابهم وتذهب طمة فشلهم، وتنطمس ثورة ذلتهم ، العزة لله ولرسوله وللمؤمنين .
لا تزعم أي أخا الحجاب أن أخاك الإنسان الآخر عبدك بدريهماتك ، بوقتك ، بحظك ،بشأنك ،بما أنت فيه من أمرك ، هو فوق ذلك وأنت دون ذلك كل من ساواك بتركيب الهيكل أو ماثلك بالصورة والنسق فهو أخوك بجنسيتك ،شريكك بآدميتك لا هو مملوكك ولا أنت مالكه وكل من خالفك بتركيبك فهو ملحق بجنسه حقر أو عظم ، وأنت ملحق بجنسك فاعرف حدك ولا تبقى وحدك حاجتك ملزمة لك وحاكمة عليك بالانضمام إلى أبناء جنسك والاستئناس بهم وقاضية على طبعك بالأدب مع صنوف أجناس الأشياء من ذوات أرواح وجمادات بارزات ومطويات علويات وسفليات فاجمع رأيك على العلم بالله لتعلو في مرتبة آدميتك بين جنسك ولتزكو في نفسك ولا تكن قليل العبرة خامل الهمة قصير النظر انظر حكم ربك سر بروحك سير همتك في ملكه سبحانه اعتبر بمصنوعاته ( فاعتبروا يا أولي الأبصار ) .هذا نص كلام هذا السيد الأيد الذي أيدنا الله بطريقته وألزمنا منهاج حقيقته.
أسمى مرتبة وأشرف مأدبة
ألم تعلم أن هجرتي _ لوجه الله_ إليه ( يعني صاحب الكلام الذي تقدم الإمام الجليل السيد احمد الكبير الرفاعي رضي الله عنه ) قد أتت بكل بركة ، ودفعت كل محنة وفرشت بساط سنة لا يطوى _ إن شاء الله تعالى _ وإني لما أقمت قالبي الأمي في أعتاب بابه بأم عبيدة وانفتح لي سرداب الشهود إلى قبره الأسعد ، تقدمت من السرداب كما أفضت لك ذلك في البوارق فوصلت إلى الباب حتى كافحت بالمواجهة ذلك الجناب ، فرايته عليه رضوان الله وسلامه وتحياته على سرير أبيض مسهم بخطوط خضر وتحته وطاء ابيض ، وعليه كسوة بيضاء وعمامة سوداء وحوله عساكر الأرواح الطاهرة من الأولياء اهل بيته وأعيان أصحابه فقال : يد مباركة وقدوم مبارك ووارث مبارك ووقت مبارك الحمد لله آن الأوان وجاء الإبان تقدم إلي فتقدمت إليه فنفخ في فمي وأخذ بيدي وقال على عهد الله أنت نائبي ووارثي وشيخ طريقتي وصاحب بيتي ومجدد سنتي والقائم اليوم على سجادتي
ورفع عمامته الشريفة بيده المباركة فوضعها على رأسي وجاؤا له بعمامة مثلها فتعمم فانفسح الوارد المحمدي لي بعد أن لبست العمامة الأحمدية عن شهود محمدي خالص فعظم علي الشهود حتى سقطت إلى الأرض فأخذني سيدي صاحب الحضرة السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه وعنا به بيده ورفعني فقمت ثم سقطت فأقامني ثلاثاً وأفاض علي من سانحة قلبي تمكيناً وقال لي مد يد الرجاء لفياض فضل نبيك سيد العوالم صلى الله عليه وسلم وخاطب جنابه الرفيع بما يفاض إليك من إلهام الله تعالى لك على بركة الله تعالى فقلت :
يا صاحب قاب قوسين , يا جامع سر العين , يا كاشف وهم الغين , يا حامل علم العلمين , يا واحد دار الدارين , يا أوحد من في الكونين , يا أول ثاني اثنين , يا مظهر سر الرمزين , يا نور كل قلب ويا قرة كل عين , بحق عين قدسك الطاهرة , يا ملك ملوك الدنيا والآخرة , توجه بقليك الرحيم ولطفك العميم وجودك المستديم , وتحنن علي يقضاء حاجتي وتعطف بفضلك علي بنيل آرابي وأكرمني بفضلك المخصوص الخاص لكي أتوجه إلى خدمة أعتاب فضلك وفيضك بالإخلاص , صلى الله عليك ما دار الدوران واختلف الملوان وكر الجديدان ولمع الفرقدان في كل وقت وزمن وآن وعلى آلك واصحابك اجمعين والحمد لله رب العالمين .
فنوديت من ذلك المشهد الأمجد : حصل مطلوبك وقضيت حاجتك , وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم السيد أحمد الرفاعي الكبير رضي الله عنه أن يبايعني في الحضرة وأن يلقنني الذكر وأن يقوم بروحه بتربيتي , فلقنني الذكر وبايعني وقامت روحه الطاهرة بأمر تربيتي .
1_ وقد بويعت :
والحمد لله بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم الله على التمسك بطريقة شيخنا ووسيلتنا إلى اله تعالى السيد احمد الكبير الرفاعي الحسيني _ رضي الله عنه _ والتخلق بأخلاقه فغن طريقته طريقة المصطفى وأخلاقه أخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم وإن من طريقته عدم القول بتأثير المخلوقين ورد الأمر في كل الأمور إلى رب العالمين .
ومنها إعظام شأن النبي صلى الله عليه وسلم إعظاماً تصح به القربى إلى الله تعالى إذ هو الواسطة العظمى ، والمرشد الحق ، والليل المحق ، والحجة القائمة ، وسر الوجود ، وباب الأبواب إلى الملك الوهاب ، وهو روح عالمي الدنيا والآخرة وشرف النوع الإنساني والوسيلة الكبرى التي تبتغي ، وسيد كل من لله عليه سيادة وإعظامه عليه الصلاة والسلام هو العمل بما كان عليه ورد كل شيء يتنازع فيه إليه والتسليم لما قضاه بحكم شريعته وتحكيمه عليه صلوات الله وأفضل تسليماته _ وذلك لتحكيم الإيمان وتشييد مباني الإسلام .
ومنها إجلال مقادير أهل بيته صلى الله عليه وسلم وأصحابه الهداة الطاهرين واتباع مناهجهم وإنارة بقعة السر بأنوار اقتفائهم ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ).
ومنها تعظيم أولياء الله والتقرب إلى الله بمحبتهم وموالاتهم والتباعد عن اذيتهم والجزم الخالص بأن اله يتفضل على من احبهم وتوسل بهم وبمحبة الله لهم بالعون والعناية والبركة في النفس والذرية والله على كل شيء قدير .
ومنها احترام مشاهد الاولياء والصالحين والعلماء العاملين احتراماً لا يدفع صاحبه إلى مصادمة الشرع .
ومنها عدم المداهنة في أمر الدين وإيضاح كلمة الحق من دون غلظة ولا فظاظة ولا عدوان
ومنها محبة الفقراء وتوقير العلماء ومجانبة أهل الأهواء وصحة التسليم في كل الأشياء لخالق الأرض والسماء والتجرد من دعوى الفعلوالقطع والوصل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
2_ ” وبويعت في الحضرة “: على التوحيد الخالص وتمزيق حجب الأغيار والتجرد لخدمة الحق وتأييد سنة النبي صلى الله عليه وسلم بالقول والفعل
3_ ” وبويعت في الحضرة “: على الخفا والصفا والتمسك بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى هجر الديار وطرح الآثار وإطارة القلب إلى الملك الجبار وربط السر بجناب الحبيب المختار صلى الله عليه وسلم
4_ ” وبويعت في الحضرة “: على السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين وعلى جمع القلوب عليهم وصدم من يروم شق العصا وعلى قول الحق وعلى قول الحق والحب في الله والبغض في الله لا لغرض من أغراض الأكوان وقوفاً مع كلمة الحق وعملاً بأمر الله ورجوعاً إليه وإنا لله وإليه راجعون .
5_ ” وبويعت في الحضرة “: على رد الأمور إلى الله والجوع عن غير الله والإطراق تحت بوارق الأقدار والاعتصاب إلى الحق وأهله واللين والرفق والتواضع للمخلوقين والشفقة عليهم لأجل الله تعالى وكف الأذى عن البلر والفاجر إل افيما يؤول إلى الله تعالى والنصح لكل أحد بسلامة الخاطر وصفاء السر والغيرة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم والترفع عن سفاسف هذه الدنيا الدنية والفرح بالمكرم لا بالكرامة والتوكل على الله وكفى بالله وكيلاً.
6_ ” وبويعت في الحضرة “: على إعلاء كلمة الطريقة الرفاعية لله تعالى لا لعلو ولا لغلو خدمة للشريعة المحمدية وإحياء للسيرة الأحمدية ورداً لما أحدثه أهل البطلان وأدخلوه على عقائد الأمة فأضروا بهمم المسلمين ونياتهم وقطعوهم عن الطريقة المرضية التي هي طريقة السلف الذين هم خير البرية ويتبع هذا صد من تجرأ على أهل الله فأذل هذا عزيزهم وبخسهم حقوقهم وأفسد أقولهم فأولها برأيه ضد ما قصدوه وقطع عنهم طلاب الحق حسداً بدعوى حراسة جانب التوحيد وفرط وأفرط.
ولا بدع فالقول الفصل أن الطريقة إلى الله شريعة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يهان المسلم أو يساء لعمل مباح ولا يكفر للذنب ولا يقاطع للعثرة ولا يخذل للهفوة ولا يؤاخذ بالشبهة ولسان الشرع الرقة واللين قال تعالى ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) وأهل الحق يغارون للحق ويهجرون النفس ويقطعون بالعقل المنصف حبال حيل الشيطان ولا يكتمون الحق وينتصرون لله على أنفسهم ويقولون في كل الأحوال : حسبنا الله ونعم الوكيل .
7 _ ” وبويعت في الحضرة “: على دوام الحضور بالانفراد الطوري من حيث مشهد القلب إلى الله تعالى منقلباً عن مشاهدة الأكوان ومنسلخاً عنها انسلاخ مقيم مع مراقبته محترزاً من انتقاد مراقبه فإن الناقد بصير والأمر المقصود خطير وإلى الله تصير الأمور .
8_ ” وبويعت في الحضرة “: على قطع عناصر الخيال من حظائر المحاضرات حيث انصرفت إلى أي عمل كأن يعود سره إلى الله تعالى وغلى رسوله صلى الله عليه وسلم فإن الخيال شنشنة كذب يصرفها إلى الزعم جمع النفس على امل انطوت عليه الضلوع دق محله وخفي مشهده وهو عن الحقيقة بمعزل
9_ ” وبويعت في الحضرة “: على نصرة سنة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم وقمع البدعة الهادمة لمنار العقائد الإسلامية التي قال بها جهلة المتصوفة كالشطحات التي تتجاوز حد التحدث بالنعمة والقول بالوحدة المطلقة والاشتغال بالكلمات السائقة إلى هذا الباب وكف اللسان عن الخوض بأمر الذات والصفات والوقوف مع ظاهر الشرع وتأويل ما لا يصادم ظواهر الأحكام من عمل وقول وحال انتجته العادات على شرط عدم إدخاله بحكم العبادات وإنزاله منزلة الإراضات من قبيل ترويح القلوب ويتبع كل ذلك حسن الظن بالمسلمين وحملهم على الصلاح فإن القلوب لا يطلع عليها إلا علام الغيوب وهنا إشارة من وارد فتح فإن إشارات الفتح لا تفات أما أهل التمكن المحمدي فإنهم أخوف ما يخافونه على متبعيهم الانخراط بسلك الشطاحين و أهل قبول الشطحات لما في ذلك و العياذ بالله تعالى من أهوال القطيعة و الرد و صوادم الإبعاد عن الله تعالى
قلت في الشطح ثائرة جموح تهزها بقية نخوة من آثار غلبة النفس تغلب حكم المقام و ترد من موج الحال فتنتج سكرة تنشأ عنها عربدة صولة و دعوى قطع ووصل و كل حالات الشطح من عوارض بدايات المريدين و المتكنون عنها في معزل ، و من علامات كلمة الشطح ثقلها على النفوس و استعظامها في الخواطر و ندامة قائلها عليها و لو عند موته ، و سبب الندامة التي تلحق الشطاحين بروز سلطان الحق المخالف لدعاوى الشطاحين و المصادم لزعوماتهم و هناك و تقابلهم صدمات سلطان الحق بقمع تلك الثوائر ، فيرى الشطاح حينئذ أنه في قبضة الحجة و قامت عليه فيطرقه الندم من كل جهاته، و تقوم قيامة حاله .
و خلاصة ما أجمع عليه العارفون أن الشطح هضمة جموح ، و ضجة دعوى و نهزة تجاور ، و مفارقة حق ، و انصراف مع هوى ، و لا يكون الولي وليا حالة الشطح بل ينسلخ من ولايته ، و ينتقل إلى ساحة دعواه كما ينتقل النائم بالنوم من يقظته إلى ساحة نومه ، و هو أعني الشطح نقص لا يجتمع معه كمال ، و إدلال لا يفارقه الإذلال ، و بينه وبين التحدث بالنعمة أهوال و كم من كلمة شطح سرت و كتبها أهل النقص في كتبهم ظنا بأنها من مقام التحدث بالنعمة ، و هي عند الله من سوالب النعمة و العياذ بالله تعالى . و مقياس التحدث بالنعمة مطابقة نص القائل على نصوص أقوال النبي العظيم صلى الله عليه وسلم و نصوص أقوال أصحابه الكرام و أهل بيته الأعلام ، مطابقة لا تأخذ بالنص لتعسفات التاويلات و التقديرات، و تحويل ظواهر العبارات بإشارات بعيدة . هكذا قال صاحب الحضرة و النهي و الأمر، و هذا ملخص كلام السلف الصالح، و غاية ما ذهبوا إليه و أجمعوا عليه . و أما الشطاحون فهم دون غيرهم من إخوانهم الذين لا يشطحون كيف كانوا ، و إلى أية جهة انصرفوا ، و في دعاويهم عن مقامات المتمكنين محجوبون ، و عن الترقيات في مراتب التحقيق قاعدون. و نشطة من همم القوم الذين راضوا انفسهم بالذل و الانكسار ، ترفعهم فوق الشطاحين و لو اجتهدوا الأعمار، فغن العمل المقرون بالدعوة و الترفع ساقط عن الصعود إلى حضرة العلى (إليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه )و قد زل عن طريق الصواب اناس فصرعهم ميل نفوسهم إلى القول بالشطحات من ثلاثة وجوه:
1- الوجه الأول : ظنوا بها تحقق صاحبها في منزلة دعواه ، و إنه أعظم من غيره مقاما و منزلا .
2- و الثاني فرحت بكلمة التزحزح و التجاوز نفوسهم لممازجتها تلك الكلمات المشوبة بتأثرة النفس ، و ظلمة الطبع التي تمنع انوار المشاهدة فانبسطوا لها ، وطابت بها خواطرهم ،و ذهبت لمجانستها جمحات نفوسهم حين وافق أغراضها طبع تلك الكلمة فقالوا بها ،و انصرفوا للاحتجاج بها لمشاركة فيهم لها بسائق عزم النفوس من دون علم منهم
3- و الثالث اعتقادهم القوة الفعالة بذلك الشطاح و أنه يقدر أن يفعل لهم بدلالة أقواله الشاطحة ما تؤلمه نفوسهم و تتهافت عليه هممهم.
و طريق العرفان من حيث المقام يمنع عن سماع كلمات الشطاحين فضلا عن القول بها ، و الاعتقاد بما انطوت عليه من الطامات ، و إن طريق الذوق في مشارفة الشهود الأتم الفرقاني حجة دامغة ترد كل هذه المنافسات مع تحقيق القول بالتحدث بالنعمة من طريق المطابقة لقول النبي صلى الله عليه و سلم و الموافقة لحاله، و إن طريقة الاستسلام لقضاء الله و قدره و الإيمان بأن القدر خسره و شره من الله تعالى تدفع الأقدام عن هذه المزالقات ، إذ الحكم صائل ، و الأمر حاصل ، و ذراع القدر طائل ، و العبد محكوم مقدور ، محجور مقصور، و على تزحزحه و تجازوه غير معذور ، و ما ثم إلا إماطة هذه الحجب بيد الشرع ، و صفع أبهة الطبع بنعل الأدب إنغماسا في بحر المتابعة المحبة لصاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم . و هذا و الحمد لله رب العالمين هو المقام الجامع الكامل الأتم الذي تحقق به و تخلق شيخنا و شيخ مشايخ الإسلام سيدنا السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه و عنا به و هو طريق الصحابة و الصدر الأول من أعاظم الآل الكرام رضي الله عنهم أجمعين و نفع بهم إنه المجيب للسائلين
10ـ و بويعت في الحضرة :
على محافظة شرف لسان التحدث بالنعمة من عيب الشطح بنظم ما يفرغ إلي من حظيرة العناية لأدخل تحت قوله تعالى( و أما بنعمة ربك فحدث ) و هذا هو الوقوف عند الحدود و هو الركن الأعظم من الأركان التي بني عليها هذا الطريق المحمدي على موطده من الله أفضل الصلاة و السلام.
11ـ وبويعت في الحضرة:
على طرح هياكل الأكوان طرحا لا يمس مقاما معلوما بتنقيص بل رجوعا عن الكل إلى الله تعالى، و لا يدخل بهذا الطرح كل ما يؤول إلى الله تعالى فإن كل ما آل إلى الله تعالى من لوازم الجوع إليه سبحانه و مثال ذلك أن المصلي لا بد له من ماء للتوضؤ و الحاج لا بد له من زاد و راحلة و السائر لا بد له من دليل و كل هذه الآلات من لوازم القصد و طرح هياكل الأكوان هو عبارة عن التحقق بالتوحيد الخالص و العلم بأن الخلق و الأمر لله سبحانه(ألا له الخلق و الأمر) هو حسبنا و نعم الوكيل.
12ـ و بويعت في الحضرة:
على عدم النظر إلى الآباء و الأجداد فإن المفاخرة بهم من طباع أهل الشرك و الغلو بهم من بقايا نخوة الجاهلية و أقل طلاب الحق همة في السير أبناء المشايخ تشيخا بآبائهم بلا علم و لا عمل و من طلب الحق علت همته عن التقيد بأب و أم و خال و عم و المؤمن المنور يطلب الحق أين كان و يأخذ الحكمة أين وجدها و من زعم حصر الحكم الموهوبة و العنايات المفاضة بأب وجد فقد نشر على رأسه علم الرد و القطيعة و البعد و العياذ بالله و عدم النظر إلى الآباء و الأجداد لا يفيد عدم برهم و حبهم و إعظام شأنهم كما أراد الله لهم بل نحن بمعرفة حقوقهم مأمورون و على أدائها مأجورون و بترك التفاخر بهم مكلفون و إلى الله ترجع الأمور.
13ـ وبويعت في الحضرة:
على الزهد في هذه الدنيا الفانية و الانخلاع عنها بالكلية و الانقطاع بكل حال إلى الله تعالى فإن مباعدة الدنيا مقاربة من الحق و على قدر التباعد عنها يكون التقارب إلى الله تعالى.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( حب الدنيا رأس كل خطيئة و حار أقوام بالتوفيق بين هذا الحديث الشريف و بين ما ورد في الخبر( الدنيا مزرعة الآخرة) ف