|
| وصية جديدة للشيخ أحمد الجامي حقظه الله تعالى | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
محب السيد الرواس الإدارة
الجنس : عدد المساهمات : 1055 نقاط : 1693 تاريخ الميلاد : 09/01/1987 تاريخ التسجيل : 07/09/2010
| موضوع: وصية جديدة للشيخ أحمد الجامي حقظه الله تعالى الأحد نوفمبر 28, 2010 2:07 pm | |
| بسم الله, والحمد لله, والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد:
لا بد للمؤمن أن يكون قلبه مبيضّاً, وأن يطهِّر باطنه عما سوى الحقِّ جلَّ وعلا, ويصفِّي باطنه عما سوى الحقِّ جلَّ وعلا, من الأمور المنصبغة بصبغة الأكوان.من لم يكن هكذا, ولم يطهِّر باطنه, ويقول: إني مُنتمٍ إلى هذا الطريق الفلاني والشيخ الفلاني, ويكتفي بهذا الاسم والمنسوب, ولا يشتغل بتطهير قلبه عما سوى الحقِّ جلَّ وعلا.....لا بدَّ أن لا نضيِّع أوقاتنا ولا نُخدع بما تصبغ نفوسنا الأمَّارة على قلوبنا, هذا خداع, لأن الله تعالى قال: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِصِبْغَةً} [سورة البقرة: 138], لأن القلب كالعين, إذا وقعت الغبرة في العين نشتغل بها حتى نزيل الغبار من عيننا, والقلب بمناسبة العين بل أقوىوأهم, لأنه محلُّ نظر الله تعالى, ولذا جاء في الحديث قوله عليه الصلاة والسلام: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم, ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) [أخرجه مسلم].ما دمنا نحن مؤمنين ـ الحمد لله ـ, ونؤمن بالحشر الجسماني بعد الموت,ونحاسب على ما أعطانا ربُّنا من الشريعة والسنة النبوية, مع عقلنا, عليناأن لا نخرِّب آخرتنا بمتعلَّقات الدنيا وما فيها, حتى نكون محرومين منفضله جلَّ وعلا في الدنيا.لو تقول: هذا صعب, كيف صعب؟ لا نصدِّقك, الله جلَّ وعلا وضَّح لك طريق التطهير, بكثرة الذكر, وقراءة القرآن, واتباع واحد من المأذونين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأن تتَّبعه وتتمسَّك بتوجيهاته, ولا تخالفه,وتسلِّم وتستسلم, وتنقاد لأوامره بدون اعتراض, إلا إذا صدر عنه شيء مخالف للشريعة, أن تتكلَّم معه بالأدب والاحترام, لحقوق الشرع الشريف, لا لأنانيَّتك وترفُّعك عليه, حتى يحصل لك التغمُّر في الطريق, ونتيجة هذا التغمُّر رضا الله جلَّ وعلا, يرضى عنك ربُّك بقطعك عن أمَّارتك الخبيثة,وابتعادك عنها.وهنا شِقَّان: إما أن تكون مع ربك بتوجيهات شيخك, وإما أن تكون مع نفسكبالادِّعاء والدعاوي الباطلة, حينذاك لا يحصل لك شيء إلا مجرَّد الدعوىبدون دليل.في هذه الدنيا لا بدَّ أن لا ننسى الحشر الجسماني والحساب مع الله تعالى,وإذا نُجرُّ ونُساق إلى الحساب هل يمكن لنا أن نقول: لا نُحاسَب؟ أستعيذُ بالله ـ.
قال الله تعالى: {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الإسراء: 13ـ14]. يعني ليس من شأن العاقل أن يخرِّب آخرته في الدنيا ويتمسَّك بحبل الأنانية والطبيعة البشرية البهيمية, ويبعد عن خالقه جل وعلا, مع الفرصة والإمكان في الدنيا, وبعدما ننتقل من الدنيا تحصل الندامة, يعني هذا ليس شأن العقلاء؛ العاقل لا بدَّ أن يُحاسب قبل أن يُحاسَب, ويهيئ جوابه قبل أن يُسأل, لم فعلتُ هذا؟ ولم ما فعلتُ هذا؟ لأن العقل المنوَّر بالوحي الإلهي يتدارك آخرته قبل أن يخرج من الدنيا. وإن قلنا: كيف نفعل؟ نحن بشر! فالجواب: هذا القرآن نزل على سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم للتبليغ,وليبلِّغ, وما أهمل عليه أفضل الصلاة والسلام, بل بلَّغ, أنت ترى في الدنيا أن الرياء يُحبِط العمل, والعصبية خارج الدين, والاعتراض على المسلمين ـ لا بطريق النصيحة بل بالترفُّع ـ خلاف الدين, عليك أن تَدارَك قبل أن تخرج, أما إذا كان ـ مثلاً ـ لك البنات, الأولاد, لا بدَّ أنتؤدِّي حقوقهم, لا تكن كالذين قال الله تعالى فيهم: {وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب: 33], والتبرُّج الثاني فسوق المسلمين, لا يُخلصوك عن المسؤولية, كما أن الله تعالى جلَّ جلاله يُنزل الماء من السماء ويحيي به أموات الأراضي, كذلك برحمته جلَّ وعلا من القرآن الكريم واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم مع الشريعة ـ يحيي القلب المغطَّى بغطاء الدنيا, ويخرق حُجُبها.لا تظن بسوء ظنِّك أن المؤمنين كلَّهم مثلُك, علينا جميعاً أن لا نقيس أولياء الله تعالى والمؤمنين على أنفسنا, هذا قياس مع الفارق, هذه دعوى بدون دليل, لأن الله تعالى جلَّ وعلا مطَّلع على أسرار عباده, وإذا وجدبعلمه الشريف قلباً صاحبُه يطلب التطهير فهو يطهِّر ويعطي جلَّ وعلا, ولايمنع من فضله على عباده شيئاً, لأن المؤمن ما دام فيه إيمان, فهذا الجوهر يقبل الفيوضات الإلهية, تحس أو لم تحس.نحن لسنا كالحيوان المشغوف بتوفير اللذات الجسمانية, والمشتهيات النفسية,لسنا هكذا, نحن إنسان بما عُلم به, وهو العقل والعلم, لا بد أن نتفكَّر في استقبالنا, كما قال ربُّنا جلَّ وعلا: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُور * إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنفَقُوا مِمَّارَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُور}[فاطر: 28ـ29].{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ} ويخاف من بطشه {مِنْ عِبَادِهِ} الذين أبدعهم وأظهرهم وخلقهم من كتم العدم بإرادته وجوده, هكذا {الْعُلَمَاء} يعني العرفاء بالله تعالى وبأوصافه الكاملة الفائضة عليهم, وأسمائه الحسنى,المتحقِّقون بمرتبة التوحيد, إذ أخشى الناس من الله أعرفهم بشأنه, ولذا قال عليه أفضل الصلاة والسلام: ( إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ) [رواه البخاري], وكيف لا يخشى العارفون منه سبحانه وتعالى؟{إِنَّ اللَّهَ} جلَّ وعلا المتردِّي برداء العظمة والكبرياء {عَزِيزٌ}غالب على انتقام من أراد انتقامه من عباده, {غَفُور} ذنوبَ من تاب إلى الله ورجع نحوه عن ظهر القلب خالصاً بلا رياء ولا سُمعة.{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ}المفروضة في الأوقات المحفوظة المأمورة إياهم في كتاب الله جلَّ وعلا,{وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ} من الله تعالى بالأفعال المذكورة {تِجَارَةً لَّن تَبُور}, يعني: لن تهلك وتفسد وتفنى أصلاً.قال الله جل وعلا: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقًا مِّنَ المُؤْمِنِين} [سبأ: 20].لقد صدَّق عليهم إبليسُ ظنَّه الذي ظنَّ بهم, حين قال لأبيهم آدم عليه السلام ـ كما بيَّن ربُّنا تبارك وتعالى في القرآن الكريم ـ:وبعدما أضلَّهم عن طريق الشكر والإيمان {فَاتَّبَعُوهُ} كفروا النعم والمُنعِم جميعاً ـ نعوذ بالله ـ {إِلاَّ فَرِيقًا مِّنَ المُؤْمِنِين} الحمد لله, اللهم اجعلنا من المؤمنين ـ الموقنين بتوحيد الله المصدِّقين لرسله, المتذكِّرين لعداوته المستمرَّة, فانصرفوا عنه وعن إضلاله, فبقوا سالمين عن إضلاله. ولو كان هذا في حقِّ الكفار, ولكن هو عدوُّنا, كما قال الله تعالى عنه: {لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً}, {وَلاَتَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِين}.لا بدَّ للمؤمن أن لا يغفل عن عداوته لبني آدم, وإذا وجد إبليسُ المؤمنَ أو المؤمنةَ بدون سلاح يوجِّههم إلى الإفساد.وإذا قيل: ما السلاح باتجاه عداوته؟ إنه التمسُّك بالشريعة والسنَّة النبوية عليه الصلاة والسلام, وأن يجعل الله وكيلاً له, وإذا جعل الله وكيلاً له يعتمد بقلبه على وكالته, ولا يغفل كذلك عن استعاذته بالله منالشيطان, الله جلَّ وعلا قال: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ} [الأعراف: 200].وصلى الله على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه وسلم, والحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.العاجز الفقير الغريب أحمد فتح الله جاميهذا ما أملاه عليَّ سيدي العارف بالله المربِّي الشيخ أحمد فتح الله جامي,شيخ الطريقة القادرية الشاذلية الدرقاوية, حفظه الله تعالى ونفعنا به.يوم الإثنين بعد صلاة العشاء** ** **موقع الشيخ | |
| | | الحياوي مشرف القسم الإسلامي
الجنس : عدد المساهمات : 277 نقاط : 322 تاريخ الميلاد : 06/10/1958 تاريخ التسجيل : 12/09/2010 الموقع : نسائم الإيمان
| موضوع: رد: وصية جديدة للشيخ أحمد الجامي حقظه الله تعالى الخميس ديسمبر 02, 2010 1:03 am | |
| بارك الله فيكم أخي رائد ونفع بكم | |
| | | محب السيد الرواس الإدارة
الجنس : عدد المساهمات : 1055 نقاط : 1693 تاريخ الميلاد : 09/01/1987 تاريخ التسجيل : 07/09/2010
| موضوع: رد: وصية جديدة للشيخ أحمد الجامي حقظه الله تعالى الأربعاء ديسمبر 15, 2010 12:43 pm | |
| - مخالفة الإنسان للعظمة الإلهية بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله, والحمد لله, والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: فإن الإنسان خُلِق من ماء مَهين, ومع هذا يُخالف العظمةَ الإلهية, لا يصل إلى تصوُّرها بالعقل ولا بالعلم, لا يصل إلا بالقلب, يُتصوَّر, ولكن هذاالتصوُّر ناقص, وهذه الغفلة والبُعد والجهالة عن عظمته جلَّ وعلا تدلُّ على فقر الإنسان وعجزه وعدم الإدراك, مع قربه جلَّ وعلا هو غافل عن ذلك القرب, ويتعلَّق بشؤون النفوس الأمارة والأنانية, وبظلاله (أي بوجوده)يُخدَع, لا بدَّ لهذا الظل من إزالته يوماً من الأيام, هذا بماله بعُد,وهذا بعلمه بعُد, وهذا بشهوته البهيمية وبناسوتيَّته (أي بإنسانيته) يبعد ويغفل ويخسر. وعلاج هذا المرض أن يكون ذاكراً لربه جلَّ وعلا كلَّ الأوقات, فإذا كان داخل الخلوة فإنه يذكر بالاسم المفرَد, وإذا لم يدخل يذكر بالتوحيد الذاتي(لا إله إلا الله), اضرب لفظ الجلالة على القلب, حتى يُهيَّأ ويطهر القلب بذكر الله تعالى, هذا باطناً, وأما ظاهراً فبترك الأخلاق الذميمة والتمسُّك بالشريعة, ورضا الله تبارك وتعالى بالعمل بالشريعة, ومحبتُه جلَّ وعلا باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم, كلُّ من كان اتِّباعه لرسول الله عليه الصلاة والسلام أقوى تزداد محبة الله تعالى أكثر, قال الله جل وعلا: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيم} [آلعمران: 31]. علينا جميعاً أن لا نُخدع بهذه الأيام القلائل في الدنيا والأهل والأولاد..... علينا أن لا نظلم أحداً, ولا نجعل محبة شيءٍ من الأشياء في قلوبنا غير الله تعالى واتباع الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام, وإذا خرق الإنسان هذه الحجب عن قلبه يكون عبداً خالصاً لله تعالى, وعبادته بالإخلاص تُقبل عند الله تعالى, ولكن علينا جميعاً أن لا نطلب من الله جلَّ وعلا شيئاً من الكشف والكرامات والواردات والإلهامات والواقعات, كلُّه ملك لله جلَّ وعلا, وإذا أراد جلَّ وعلا أن يعطيَ يُعطي, ولا تغرُّوا به, هذا ليس من إصلاحكم, لأن ما يطلبه منكم ربكم أهمُّ من ذلك, عليكم الاستغراق فيذكره جلَّ وعلا, والمهمَّات (أي الاهتمام) بشرعه جلَّ وعلا, والتمسُّك بسنَّته عليه أفضل الصلاة والسلام. أعاننا الله وإياكم والمسلمين جميعاً بفضله وكرمه أن يبعدنا عن الأخلاق البشرية وما يتبعها من الأنانيَّة والكِبر والغرور والهوى, نرجو منه جلَّ وعلا أن لا يتركنا مع نفوسنا, وبفضله وبكرمه أن يرحمنا ويُبعدنا عن الفتن الداخلية والخارجية. وصلى الله على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه وسلَّم, والحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. العاجز الغريب الفقير «سيدي» أحمد فتح الله جامي
هذا ما أملاه عليَّ سيدي العارف بالله المربي الشيخ أحمد فتح الله جامي,شيخ الطريقة القادرية الشاذلية الدرقاوية, حفظه الله تعالى ونفعنا به
- الخيالات الحاصلة للإنسان بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله, والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم. وبعد: فإن الخيالات الحاصلة للإنسان باتجاه الموت مثلاً, وباتجاه الحشر بعد خروج الناس وذهابهم إلى الحشر, وكذلك الحسابات, وكذلك هذه الخيالات بوجود الله جل وعلا, هذه كلها خيالات, لا بد من ثبات هذه الأمور في القلب قبل أن نموت, قبل أن نحشر, قبل أن نعطى الحساب, مع كل هذا لا بد من الحضور التام الدائم مع الله تبارك وتعالى جل وعلا, حينذاك يثبت للإنسان كأنه ذهب قبل أن يذهب, ومات قبل أن يموت, وحوسب قبل أن يحاسب. لا بد للمؤمن أن يخرج عن هذه الخيالات, وإذا سأل عن علاجها وكيفية حصولها فإنه بالمجاهدة وترك الهوى وترك حب الدنيا والأنانية والطبيعة البشريةالبهيمية, والله تبارك وتعالى أرحم الراحمين, إذا كان هذا الطلب من العبد بهذا الاعتقاد الجازم فإنه جل وعلا يحب هداية عبده, أحياناً برحمته كأنه يأخذنا ويضمنا إلى رحمته, هذا منه وله جل وعلا ليس لنا ولا لعلمنا, وهو جل وعلا يقول: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُون} [البقرة: 46], ويقول في الحديث القدسيأنا عند ظن عبدي بي) [أخرجه البخاري]. والظن هنا بمعنى اليقين, يعني أن الخيالات لا تفيد إلا باليقين, قال سيدنا علي رضي الله عنه: (لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً) . نحن على هذا الطريق, وهذا الطريق من سيدنا علي رضي الله عنه, ونحن على هذا الاعتقاد لأنه إذا كان الا عتقاد سليماً يدفعه إلى العمل وإلا فمعناه لم ينتقل من علم اليقين إلى عين اليقين وكذلك لم ينتقل إلى حق اليقين , لوقلت لواحد لا يصلي: هل تموت؟ يقول: أنا أموت, هل تحشر؟ يقول: أنا أحشر,إذاً لم حالك هكذا؟ معناه هذه خيالات, لأن هذا الاعتقاد لم ينزل من الخيالات إلى القلب والاعتقاد الاطمئناني أي لم ينتقل إلى عين اليقين . اللهم نوِّر قلوبنا وبصيرتنا, وحبِّب إلينا ما تحب وترضى. وصلى الله على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه وسلم, والحمد لله رب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذا ما أملاه عليَّ سيدي الشيخ أحمد فتح الله جامي شيخ الطريقة القادرية الشاذلية الدرقاوية حفظه الله تعالى, ونفعنا به.
http://www.shazeli.com
| |
| | | محب السيد الرواس الإدارة
الجنس : عدد المساهمات : 1055 نقاط : 1693 تاريخ الميلاد : 09/01/1987 تاريخ التسجيل : 07/09/2010
| موضوع: رد: وصية جديدة للشيخ أحمد الجامي حقظه الله تعالى الجمعة ديسمبر 17, 2010 12:43 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيد المرسلين, وعلى آله وأصحابه ومن اتبعهم إلى يوم الدين. أما بعد أيها المؤمنون والمؤمنات: علينا جميعاً أن نعرض عبادتنا بالشريعة, وثمرة الشريعة المستنبطة من القرآن الكريم, والله تعالى جلَّ وعلا بيَّن صفات المؤمنين الصادقين, وبيَّن صفات الكافرين المعنِّدين الذين لم ترشح عليهم الهداية الإلهية, ميَّز هؤلاء المؤمنين في القرآن بتسعة أوصاف أو ثمانية ـ على اختلاف المفسِّرين ـ, ومنه قوله تعالى جلَّ وعلا: {أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَاب * الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاق * وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَاب * وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّار} [الرعد: 19ـ22]. ومن أراد أن تكون صفاته الداخلية المتعلقة بالقلب والمتعلقة بالظاهر موافقة, فعليه أن يعرض بالقرآن الكريم وبالشريعة والسنة النبوية عليه الصلاة والسلام, لأن الله تعالى مطَّلع على ضمائر عباده ونيَّاتهم, نحن نقتبس من نور القرآن الكريم أوصاف المؤمنين التالية: أستعيذ بالله, قال الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم: {أَفَمَن يَعْلَمُ} ويصدِّق {أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ} لتأييدك من الكتاب الجامع لما في الكتب السالفة من الأوامر والنواهي والأمثال والرموز ـ رضي الله تعالى عن أوليائنا, وهم فهموا رموز القرآن والإشارات ـ هو {الْحَقُّ} المطابق للواقع بلا شك وارتياب فيه {كَمَنْ هُوَ أَعْمَى} عن إبصار ما يرى في الآفاق من المُبصَرات, بل أشدُّ عمى منه؛ لأن الذي هو أعمى فاقد البصر, وهذا فاقد البصيرة, إذ بالبصيرة تتهيأ لإدراك المعاني الدينية والمعارف اليقينية. {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ} هذه الأوصاف التسعة ـ أو الثمانية ـ يتذكَّرها ويتفطَّن بسرائر كتاب الله {أُوْلُواْ الأَلْبَاب} من هم أولو الألباب؟ هم المستكشفون عن لبُّ الأمور, يعني عن حقيقة الأمور التي يرضى بها جلَّ وعلا لعباده, المعرضون عن أمور لا يرضى بها خالقهم, ولا يحصل ذلك إلا بالبصيرة, ما دام مدح صاحبَ هذه الأوصاف بلفظ القرآن الكريم بـ {أُوْلُواْ الأَلْبَاب} مثل هذا قول الله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَاب * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عمران: 190ـ191], وهذه الآية تدلُّ على الذاكرين, هؤلاء أولو الألباب, وهذه الأوصاف كذلك أوصاف أولي الألباب, معناه هذه الأوصاف ليست للملائكة, بل للإنسان, والإنسان ـ خصوصاً أهل الطريق ـ الذين يوفون بعهد الله ويدخلون الطريقة ويبايعون بالتسلسل إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم, غرضهم أن يصلوا إلى هذه الأوصاف, وليس غرضهم الأخذ من أموال المسلمين, وهم: أولاً: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ} وصف الله بها عباده المؤمنين, يعني الذين عاهدوا معه حين أوجدهم من العدم إلى الوجود على أراضي استعداداتهم. ثانياً: {وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاق} الوثيق, بل يحفظونه ويواظبون على حفظه ـ حفظ هذا الميثاق ـ, ولا يخالفون ما وثَّقوه على أنفسهم من العهود المؤكَّدة بينهم وبين الله جلَّ وعلا وبين العباد. ثالثاً: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ} أي يصلون الأرحام التي أمر الله تعالى بصلتها, وما أمر الله به من المأمورات والمرضيات والمعارف والحقائق والخصائل الجميلة والأخلاق الحميدة. رابعاً: {وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} عن ارتكاب المنهيات والمحظورات, متأدِّبين مع الله تعالى ظاهراً وباطناً, والمحظورات والذمائم ـ أي الأخلاق الذميمة ـ من الأطوار والأخلاق. خامساً: {وَيَخَافُونَ} من الله ومن مخالفة أمره ظاهراً وباطناً ومقتضى نهيه {سُوءَ الحِسَاب} ورداءة المنقلب والمآب. سادساً: {وَالَّذِينَ صَبَرُواْ} إذا أصابتهم مصيبة أو أحاطتهم بليَّة, ويقولون: سلام ـ يعني صبروا ويقولون: سلام ـ {ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ} وطلب مرضاته, مسترجعين يقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون, مسترجعين إليه سبحانه وتعالى متضرِّعين نحوه. سابعاً: {وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ} أي أداموا الميل والتوجُّه إليه؛ لأن الصلاة معراجهم في جميع الأحوال والأزمان, بأوقاتها المخصوصة. ثامناً: {وَأَنفَقُواْ} للفقراء المستحقِّين بقدر الإمكان, بدون تبذير وإسراف {مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} من الذي أعطاهم الله تعالى بكسبهم الحلال وجمعهم {سِرًّا} على وجهٍ لا يُشعر الفقير منفعة لئلا يتأذى بالمنِّ والأذى {وَعَلاَنِيَةً} على وجهٍ يُشعر به, لكي يبالغ المنفق في التذلُّل والانكسار بحيث لا يتوهَّم المنَّة أصلاً. تاسعاً: {و} الذين {يَدْرَؤُونَ} أي يدفعون ويُسقطون {بِالْحَسَنَةِ} أي بالخصلة الحميدة والخلق المرضي {السَّيِّئَةَ} أي الذميمة من الخصائل والأخلاق. {أُوْلَئِكَ} السعداء الأولياء ذوو العهد والوفاء, والخوف والرجاء, الصابرون على البلاء, الراضون بما جرى عليهم من سوء القضاء, المتوجِّهون إلى المولى في السراء والضراء, المنفقون لرضاه من عندهم للفقراء, حصل {لَهُمْ} حين كانوا في النشأة الأولى {عُقْبَى الدَّار} الأخرى, أي ما يحصل فيها من اللذات والمثوبات ورفع الدرجات ونيل المرادات, ومن جملتها: {جَنَّاتُ عَدْنٍ} أي دار إقامة وخلود {يَدْخُلُونَهَا} هم أصالة واستحقاقاً {و} يدخل أيضاً بشفاعتهم وتبعيَّتهم {مَنْ صَلَحَ} لصحبتهم ورفاقهم {مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ} ومن ينتمي إليهم {و} حين استقروا وتمكَّنوا فيها يزورهم {المَلاَئِكَةُ} ترحيباً وتعظيماً {يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَاب} من أبواب الجنة قائلين: {سَلاَمٌ عَلَيْكُم} أيها الفائزون بالفلاح والنجاح {سَلاَمٌ عَلَيْكُم} في دار الابتلاء لأنواع المحن والبلاء {فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّار} أي منزلكم ومنقلَبُكم في دار القرار وعواقب أموركم فيها من الفرح الدائم والسرور المستمر. ثم بيَّن سبحانه وتعالى على مقتضى سنَّته من تعقيب عواقب حسن الأبرار بقبح أحوال الأشرار وخاتمة عواقبهم بقوله: {وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ...}. أيها المؤمن والمؤمنة: عليك أن تعرض نفسك على هذه الأوصاف, إذا وجدت فيك هذه الأوصاف فعليك أن تحمد الله تعالى وتشكره على ما أعطاك ربُّك ـ من فضله جلَّ وعلا ببركة رسولك صلى الله تعالى عليه وسلم وبحرمة قرآنك ـ من هذه الأوصاف التي حصلت معك, وإذا وجدت فيك بعض هذه الأوصاف ناقصة فعليك أن تأخذ بالعزائم وتكمِّل هذا النقص, لأنك أهل الطريق, ومشاعرك جميعاً لا بد أن تتمسَّك بالعزائم, وأما إذا قلت: إني لا أجمع هذه الأوصاف ولا أستكسبها, حينذاك أنت لست من الذين وصفهم الله تعالى ومدحهم بهذه الأوصاف, لا نقول لك شيئاً؛ لأن الهداية وصلت إليك بوصول الإيمان إليك, وأنت سلكت طريق الأولياء, وهي الطريق المتصل برسول الله صلى الله عليه وسلم, أيما طريق كان, لا نخص بطريقتنا, أيُّ طريق كان. نرجو الله تعالى أن يهدينا وإياكم إلى سواء السبيل, ولا يحرمنا من هذه الأوصاف الجليلة. وإذا وجد فيه بعض الوصف مثل ترك الصلاة وعدم الاهتمام بها, وبعض نقض العهد بينه وبين الله جلَّ وعلا, حينذاك ليس بينه وبين الله عهد, إن شاء عفا عنه وإن شاء عذَّبه. وصلى الله تعالى على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه وسلَّم, والحمد لله ربِّ العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الفقير العاجز الغريب "سيدي" أحمد فتح الله جامي خادم الطريقة الشاذلية
هذا ما أملاه عليَّ سيدي العارف بالله المربي الشيخ أحمد فتح الله جامي, شيخ الطريقة القادرية الشاذلية الدرقاوية, حفظه الله تعالى ونفعنا به.
يوم الإثنين بعد صلاة العشاء 30 / ذي الحجة / 1431هـ 6 / كانون الأول / 2010م
** ** **
http://www.shazeli.com
| |
| | | محب السيد الرواس الإدارة
الجنس : عدد المساهمات : 1055 نقاط : 1693 تاريخ الميلاد : 09/01/1987 تاريخ التسجيل : 07/09/2010
| موضوع: رد: وصية جديدة للشيخ أحمد الجامي حقظه الله تعالى الثلاثاء يناير 04, 2011 12:52 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيد المرسلين, وعلى آله وصحبه وسلم. وبعد: قال الله جلَّ وعلا: {قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِما كَانُوا يَكْسِبُون * مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُون} [الجاثية: 14ـ15]. الله تعالى جلَّ وعلا قال لرسوله الأكرم صلى الله تعالى عليه وسلم وأمره: {قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا} تذكرةً للمؤمنين وتهذيباً لأخلاقهم: اغفروا واصفحوا سيما عن المسيئين؛ ليكون العفو والغفران دَيْدَنةً (قاعدة أو عادة) راسخةً في نفوسكم, وكذلك الأخلاق التي ذُكرت في القرآن الكريم من الأخلاق المرضيَّة المنبِّهة على القسط الحقيقي والعدل الإلهي. {مَنْ عَمِلَ} عملاً {صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ} أي يعود نفعه إليه, {وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا} وبالُ إساءته {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُون} جميعاً, يحاسبكم على أعمالكم, ويجازيكم بمقتضاها. لكن ما أخذ الله سبحانه وتعالى عبادَهُ إلا بعد أن يرسل عليهم رسلاً مبشرين ومنذرين, وينزل عليهم كتباً مبيِّنة لهم طريق الهداية والرشاد, فإن اهتدوا فقد فازوا بصلاح الدارين, وإن اعتدوا فقد ضلوا عن سواء السبيل, واستحقُّوا بالعذاب الأليم. الله تعالى جلَّ وعلا أنزل الشريعة وأنزل القرآن على الرسول الأعظم صلى الله تعالى عليه وسلم وأمره بالتبليغ, وبلَّغ عليه الصلاة والسلام. لنا قدوة برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وبأمره, قال الله تعالى جلَّ وعلا: {... وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب} [الحشر: 7], وقال الله جلَّ وعلا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21], يعني الذين آمنوا وتمسَّكوا بالشريعة واتَّبعوا الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام هم موافقون إن شاء الله تعالى لرضا الله جلَّ وعلا واتِّباع رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم, يعني اللهُ تعالى جلَّ وعلا لا يحكم بالمساواة بين المطيع والعاصي. أيها المؤمنون المخلِصون الطالبون التخلُّقَ بأخلاق الله تعالى, وأخلاق رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم, الهاربون عن أخلاق أعدائه المخالفين {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ} المبعوث لإرشادكم وإهدائكم {أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} أي خصلة حميدة بديعة مقبولة, يجب التأسي والاتِّصاف بها {لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ} أي لقاءه ومطالعة وجهه الكريم, {وَ} يرجو أيضاً {الْيَوْمَ الآخِرَ} الموعود فيه هذه الكرامة العظيمة, وبواسطة هذا الرجاء وغلبة هذه الأمنية العظيمة في خاطره, {وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} في عموم الأعيان والأوقات؛ لتلذُّذه بذكره سبحانه وتعالى حتى ينال ما وُعد من الفوز بشرف اللقاء. ومن كان كذلك, وهمُّه ذلك, فهو مؤتَسٍ بالرسول صلى الله تعالى عليه وسلم في تلك الخصلة المحمودة والدَيْدَنَةِ المسعودة المقبولة عند الله تعالى, التي هي الرضا بجميع ما جرى عليه من القضاء, ومن علامات هذا الثباتُ على العزيمة وتحمُّل الشدائد ومقاساة الأحزان وارتكاب المتاعب والمشاقِّ في إعلاء دين الله تعالى وكلمة توحيده جلَّ وعلا, والتوكل نحوه في الضراء والسراء, وكظم الغيظ عند هجوم الغضب, والعفو عند القدرة, وغير ذلك من الخصائل الحميدة المرضيَّة. وقد قال الله تعالى جلَّ وعلا: {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُون * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُون} [الجاثية: 20ـ21]. إن {هَذَا} القرآن {بَصَائِرُ لِلنَّاسِ} يبصِّرهم طريق الهداية, ويوصلهم إلى طريق التوحيد الإلهي إن استقاموا عليها بالعزيمة الصادقة الصحيحة {وَهُدًى} يهديهم إلى سواء السبيل {وَرَحْمَةٌ} نازلة من قبل الحقِّ جلَّ وعلا {لِّقَوْمِ يُوقِنُون} يُوفَّقون للإيمان والإيقان والكشف والعيان. وقال تعالى جلَّ وعلا: {أَمْ حَسِبَ} الغافلون الضالُّون المسرفون {الَّذِينَ اجْتَرَحُوا} واكتسبوا طول عمرهم {السَّيِّئَاتِ} المُبعِدة لهم عن طريق الحقِّ وسبيل الهداية {أّن نَّجْعَلَهُمْ} ونصيِّرهم بعدما رجعوا إلينا {كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} المقرِّبة لهم إلى الحقِّ وتوحيده, أي مِثْلَهم بلا مزية لهم عليهم, بل ظنُّوا أنهم وهم {سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُون}. وقال الله تعالى جلَّ وعلا: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُون * هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُون * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِين} [الجاثية: 28ـ30]. أمامنا الحشر الجسمانيُّ والحساب الربانيُّ, نحن لسنا كالبهائم, بل نحن مسؤولون عن رسولنا وشرعه وكتابه وهو القرآن, لا بدَّ أن نتفكَّر, حينذاك كما قال ربُّنا جلَّ وعلا: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ} من الأمم {جَاثِيَةً} أي كل فرد من أفراد الأمم {كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا} بين يدي الله تعالى إلى صحيفة أعمالها التي كُتب فيها جميع أحوالها وأفعالها الكائنة الحاصلة منها في هذه الدنيا, لا بدَّ حينذاك ـ أي وكأننا هناك؛ لأن محقَّق الوقوع كالوقوع ـ أن نتفكَّر الآن, حتى لا نستحي حينذاك من ربِّنا جلَّ وعلا, لأن زمانَ الاستحياءِ والحفظِ عن محارم الله وعن مخالفةِ الشريعة اليوم, ويقال لهم حينئذ: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ} كلٌّ منكم {مَا كُنتُمْ تَعْمَلُون} في نشأتكم الأولى, إن خيراً فخير, وإن شراً فشر. لا بد لنا الآن أن نحاسِب قبل أن نُحاسَب, وأن نتدارك اليوم قبل أن يفوت وقت التدارك, لأن ربَّنا جلَّ وعلا يراقب علينا, وكتابه بين يدينا, الحمد لله نحن مؤمنون به وبكتابه وباليوم الآخر كذلك, وبما يجري علينا نؤمن, لا بد الانتباه, كما قال ربُّنا جلَّ وعلا: {... فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُور} [لقمان: 33]. {فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ} أيها المجبولون على الغفلة والغرور {الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} بتغريراتها وتلبيساتها من مالها وجاهها ولذاتها الفانية الغير القارَّة {وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ} عفوه وغفرانه وسعة رحمته وجوده {الْغَرُور} أي الشيطان المبالغ في الغرور والتغرير بأن يجبركم على المعاصي اتِّكالاً على عفو الله وغفرانه. {هَذَا كِتَابُنَا} الذي فصَّلنا فيه أعمال كلٍّ منكم ـ يقول لنا, لا شكَّ لنا يا ربَّنا ـ {يَنطِقُ عَلَيْكُم} ويذكِّركم {بِالْحَقِّ} على الوجه الذي صدر عنكم بلا زيادة ولا نقصان, إلا إذا خالفتم الكتاب والرسول صلى الله تعالى عليه وسلم والشريعة, وتُبتم بعده توبة قطعية نصوحاً, وهو يقبل التوبة عن عباده, حينذاك إن شاء الله تعالى لا نُسأل عن المخالفات. {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ} ونأمر الملائكة الموكَّلين عليكم, المراقبين لأحوالكم وأعمالكم أن يكتبوا جميعَ {مَا كُنتُمْ تَعْمَلُون} أي أعمالَكم حسناتِها وسيئاتها, صغائرها وكبائرها, إذا لم يسبقها التوبة والإنابة. وبعدما تُحاسبون على مقتضى كتبكم وصحائفكم: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا} يعني أذعنوا وأيقنوا بوحدة الحقِّ, ووقوع يوم القيامة, وصدَّقوا رسوله وكتابه {وَ} مع كمال إيمانهم ويقينهم {عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} من الأفعال والأخلاق الحميدة تقرُّباً إلى الله تعالى ـ لا رياءً ولا شهرةً ـ وتأدُّباً معه سبحانه وتعالى بما يليق بعبوديته وتعظيم شأنه. {فَ} أصحاب هذه الأوصاف الجميلة {يُدْخِلُهُمْ} اليوم {رَبُّهُمْ} الذي يوفِّقهم على الإيمان والتوحيد, والأعمال الصالحات, والإخلاص لله تعالى {فِي رَحْمَتِهِ} وفضل وحدته وفضل لطفه {ذَلِكَ} الذي بشَّر به عباده المؤمنين المخلصين {هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِين} والفضل العظيم, لا فوز أعظم منه وأعلى. الفوز العظيم في الدنيا ليس بالمخالفات الشرعية, ولا في التدريسات المخالفة للشريعة, ولا في جمع حطام الدنيا. من أيقن واعتقد أن أعماله كلَّها تُكتب, لا بدَّ أن يراقب الشريعة والسنة النبوية. اللهم ارحمنا ووجِّهنا وقلوبَ المؤمنين والمؤمنات جميعاً نحو فضلك, ونحو رضاك, موافقاً لكتابك, ولاتباع حبيبك الأعظم صلى الله تعالى عليه وسلم, حسبنا الله ونعم الوكيل, اللهم احفظنا والمؤمنين والمؤمنات جميعاً برحمتك يا أرحم الراحمين. وصلى الله تعالى على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه وسلَّم, والحمد لله ربِّ العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. العاجز الفقير الغريب أحمد فتح الله جامي خادم الطريقة الشاذلية هذا ما أملاه عليَّ سيدي العارف بالله المربي الشيخ أحمد فتح الله جامي, شيخ الطريقة القادرية الشاذلية الدرقاوية, حفظه الله تعالى ونفعنا به. يوم الأحد بعد صلاة العشاء الموافق 13 محرم 1432هـ 19 كانون الأول 2010م
رسالة وصلتني عبر الايميل ابعثها لكم للفائدة
| |
| | | آدم أعضاء الشرف
الجنس : عدد المساهمات : 101 نقاط : 165 تاريخ الميلاد : 01/01/1990 تاريخ التسجيل : 08/12/2010
| موضوع: رد: وصية جديدة للشيخ أحمد الجامي حقظه الله تعالى الأربعاء يناير 05, 2011 12:51 am | |
| السلام عليكم سيدي محب السيد الرواس أما بعد: من أحب تصفية الأحوال، فليجتهد في تصفية الأعمال. قال الله عز وجل: "وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ، لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً". وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل: لو أن عبادي أطاعوني لسقيتهم المطر بالليل، وأطلعت عليهم الشمس بالنهار، ولم أسمعهم صوت الرعد. اللهم انفعنا بعلومهم ونور قلوبنا بكلامهم واجزهم عنا يارب خير الجزاء. ابنكم آدم
| |
| | | | وصية جديدة للشيخ أحمد الجامي حقظه الله تعالى | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |