محب السيد الرواس الإدارة
الجنس : عدد المساهمات : 1055 نقاط : 1693 تاريخ الميلاد : 09/01/1987 تاريخ التسجيل : 07/09/2010
| موضوع: نسبه صلى الله عليه وسلم وولادته ورضاعته الأربعاء نوفمبر 17, 2010 7:36 pm | |
| نسبه صلى الله عليه وسلم وولادته ورضاعته : أما نسبه صلى الله عليه وسلم ’ فهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ’ ويدعى شيبة الحمد ’ ابن هاشم ابن عبد مناف واسمه المغيرة ’ ابن قصى واسمه زيداً ’ ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان . فهذا القدر المتفق عليه من نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم . أما ما فوق ذلك فمختلف فيه ’ لا يعتمد عليه فى شىء . غير أن مما لا خلاف فيه أن عدنان من ولد إسماعيل نبى الله ابن إبراهيم خليل الله عليهما الصلاة و السلام ’ وأن الله عز وجل قد إختاره من أزكى القبائل وأفضل البطون وأطهر الأصلاب ’ فما تسلل شىء من أدران الجاهلية الى شىء من نسبه صلى الله عليه وسلم . روى مسلم بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الله إصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشاً من كنانة واصطفاى هاشما من قريش واصطفانى من بنى هاشم . وأما ولادته صلى الله عليه وسلم فقد كانت فى عام الفيل ’ أى العام الذى حاول فيه أبرهة الأشرم غزو مكة وهدم الكعبة فرده الله عن ذلك بالآية الباهرة التى وصفها القرآن الكريم . وكانت على الأرجح يوم الإثنين لإثنتى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول . وقد ولد يتيما ’ فقد مات أبوه عبد الله وأمه حامل به لشهرين فحسب فعنى به جده عبد المطلب واسترضع له - على عادة العرب إذ ذاك - إمرأة من بنى سعد بن بكر يقال لها حليمة بنت أبى ذؤيب . وقد أجمع رواة السيرة أن بادية بنى سعد كانت تعانى إذ ذاك سنة مجدبة قد جف فيها الضرع ويبس الزرع ’ فما هو إلا أن صار محمد صلى الله عليه وسلم فى منزل حليمة واستكان الى حجرها وثديها حتى عادت منازل حليمة من حول خبائها ممرعة خضراء فكانت أغنامها تروح منها عائدة الى الدار شباعا ممتلئة الضرع . وقد حصلت أثناء وجوده صلى الله عليه وسلم فى بادية بنى سعد ( حادثة شق الصدر ) التى رواها مسلم ثم أعيد بعدها الى أمه وقد تم له من العمر خمس سنوات . ولما أصبح له من العمر ست سنوات ماتت أمه آمنة ’ وما إن تحول الرسول الى كفالة جده عبد المطلب حتى وافته هو الآخر منيته فمات وقد تم للنبى صلى الله عليه وسلم ثمان سنوات ’ فكفله عمه أبو طالب. العبر و العظات : يؤخذ هذا المقطع من سيرته صلى الله عليه وسلم مبادىء وعظات هامة نجملها فيما يلى : 1- فيما أوضحناه من نسبه صلى الله عليه وسلم دلالة واضحة على أن الله سبحانه وتعالى ميز العرب على سائر الناس ’ وفضل قريش على سائر القبائل الخرى ’ تجد هذه الدلالة واضحة فى الحديث الذى رويناه عن مسلم ’ وقد وردت أحاديث كثيرة أخرى ’ فمن ذلك ما رواه الترمذى أنه صلى الله عليه وسلم قام على المنبر فقال : من أنا ؟ فقالوا أنت رسول الله عليك السلام ’ فقال أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ’ إن الله خلق الخلق وجعلهم فرقتين فجعلنى فى خيرهم فرقة ’ ثم جعلهم قبائل فجعلنى فى خيرهم قبيلة ’ ثم جعلهم بيوتا فجعلنى فى خيرهم بيتاً وخيرهم نفساً . واعلم أن مقتضى محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ’ محبة القوم الذين ظهر فيهم و القبيلة التى ولد فيها ’ لا من حيث الأفراد و الجنس بل من حيث الحقيقة المجردة . ذلك لأن الحقيقة العربية القرشية ’ قد شرف كل منها - ولا ريب - بانتساب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها . ولا ينافى ذلك ما قد يلخق من سوء بكل من قد إنحرف من العرب و القرشيين عن صراط الله عز وجل ’ وانحط عن مستوى الكرامة الإسلامية التى إختارها الله لعباده ’ لأن هذا الإنحراف أو الإنحطاط من شأنه أن يودى بما كان من نسبة بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم ويلغيها من الإعتبار . 2- ليس من قبيل الصدفة أن يولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتيما ’ ثم لا يلبث أن يفقد أمه وجده أيضاً ’ فينشأ النشأة الأولى من حياته بعيداً عن تربية الأب ورعايته ومحروماً من عاطفة الأم وحنوّها . ولقد إختار الله عز وجل لنبيه هذه النشأة لحكم باهرة ’ لعل من أهمها أن لا يكون للمبطلين سبيل الى إدخال الريبة القلوب أو إيهام الناس بأن محمداً صلى الله عليه وسلم إنما رضع لبان دعوته ورسالته التى نادى بها منذ صباه ’ بإرشاد وتوجيه من أبيه وجده ’ ولم لا ؟ وإن جده عبد المطلب كان صدراً فى قومه ’ فلقد كانت إليه الرفادة و السقاية . ومن الطبيعى أن يربى الجد حفيده أو الأب إبنه على ما يحفظ لديه هذا الميراث . لقد شاءت حكمة الله عز و جل أن لا يكون للمبطلين من سبيل الى مثل هذه الريبة ’ فنشأ رسوله بعيداً عن تربية أبيه وأمه وجدّه ’ وحتى فترة طفولته الأولى ’ فقد أرادت حكمة الله عز وجل أن يقضيها فى بادية بنى سعد بعيداً عن أسرته كلها ’ ولما توفى جده وانتقل الى كفالة عمه أبى طالب الذى إمتدت حياته الى ما قبل الهجرة بثلاث سنوات - كان من تتمة هذه الحكمة أن لا يسلم عمه ’ حتى لا يتوهم أن لعمه مدخلا فى دعوته ’ وأن المسألة مسألة قبيلة وأسرة وزعامة ومنصب . وهكذا أرادت حكمة الله أن ينشأ رسوله يتيماً ’ تتولاه عناية الله وحدها بعيداً عن الذراع التى تمعن فى تدليله و المال الذى يزيد فى تنعيمه ’ حتى لا تميل به نفسه الى مجد المال و الجاه ’ وحتى لا يتأثر بما حوله من معنى الصدارة و الزعامة ’ فتلتبس على الناس قداسة النبوة بجاه الدنيا ’ وحتى لا يحسبوه يصطنع الأول إبتغاء الوصول للثانى . 3- يدل ما إتفق عليه رواة السيرة النبوية من أن منازل حليمة السعدية عادت مترعة خضراء بعد أن كانت مجدبة قاحلة ’ وعاد الدرّ حافلافى ضرع ناقتها الكبيرة المسنّة بعد أن كان يابساً لا يتندى بقطرة لبن - يدل ذلك على علوّ شأن الرسول صلى الله عليه وسلم ورفعة مرتبته عند ربه حتى عندما كان طفلاً صغيراً كغيره من الأطفال . فقد كان من أبرز مظاهر إكرام الله له أن أكرم بسببه بيت حليمة السعدية التى تشرفت بإرضاعه . وليس فى ذلك غرابة ولا عجب ’ فقد علمتنا الشريعة الإسلامية أن نستسقى عند إنحباس المطر ببركة الصالحين من الناس ومن أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رجاء إستجابة الله لدعائنا ’ فكيف إذا تشرف المكان برسول الله نفسه ’ وهو طفل رضيع قد إستكان الى حجر حليمة والتقم ثديها . إن من الجدير أن تكون سببيته لإخضرار الأرض المجدبة من حوله أبلغ من سببية سقوط قطر السماء وينابيع الأرض . وما دام الكل بيد الله تعالى وهو وحده مسبب الأسباب جميعها فأجدر برسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون فى مقدمة أسباب البركة و الإكرام الإلهى ذلك أن رحمة الله الى الناس بصريح تبيانه سبحانه وتعالى ( وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين ) 4- تعد حادثة شق الصدر التى حصلت له عليه الصلاة و السلام أثناء وجوده فى مضارب بنى سعد من إرهاصات النبوة ودلائل إختيار الله إياه لأمر جليل ’ وقد رويت هذه الحادثة بطرق صحيحة وعن كثير من الصحابة منهم أنس بن مالك فيما يرويه مسلم فى صحيحه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه ’ فاستخرجه ’ فاستخرج منه علقة فقال هذا حظ الشيطان منك ’ ثم غسله فى طست من ذهب بماء زمزم ثم أعاده الى مكانه . وجاء الغلمان يسعون الى أمه - مرضعته - ينادون : أن محمداً قد قتل ’ فاستقبلوه وهو ممتقع اللون . وليست الحكمة من هذه الحادثة والله أعلم - إستئصال غدة الشر فى جسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ’ إذ لو كان الشر منبعه غدة فى الجسم أو علقة فى بعض أنحائه ’ لأمكن أن يصبح الشرير خيّرا بعملية جراحية ’ ولكن يبدوا أن الحكمة الإلهية هى إعلان أمر رسول الله وتهيئه للعصمة و الوحى منذ صغره بوسائل مادية ’ ليكون ذلك أقرب الى إيمان الناس به وتصديقهم برسالته ’إنها إذاً عملية تطهير معنوية ’ ولكنها إتخذت هذا الشكل المادى الحسّى ’ ليكون فيه الإعلان الإلهى بين أسماع الناس و أبصارهم . وأيّاً كانت الحكمة ’ فلا ينبغى- وقد ثبت الخبر ثبوتاً صحيحاً- محاولة البحث عن المخارج لنخرج منها بهذا الحديث عن ظاهره و حقيقته الى التآويل الممجوجة البعيدة المتكلفة. ولن تجد من مسوغ لمن يحاول هذا - رغم ثبوت الخبر وصحته - إلا ضعيف الإيمان بالله عز وجل . ينبغى أن نعلم بأن ميزان قبولنا للخبر إنما هو صدق الرواية وصحتها فإذا ثبت ذلك ثبوتاً بيّناً فلا مناص من قبوله موضوعاً على الراس ’ وميزاننا لفهمه حينئذ دلالات اللغة العربية و أحكامها . والأصل فى الكلام عن حقيقته الى مختلف الدلالات المجازية ليتخير من بينها ما يروق له ’ لانشلّت قيمة اللغة وفقدت دلالاتها وتاه الناس فى مفاهيمها . ثم فيم البحث عن التأويل ومحاولة إستنكار الحقيقة ؟ أما إن ذلك لا يأتى إلاّ من ضعف فى الإيمان ’ وبالتالى من ضعف فى اليقين بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وصدق رسالته ’ وإلا فما أسهل اليقين بكل ما صح نقله سواء عرفت الحكمة و العلّة أم لم تعرف .
| |
|