محب السيد الرواس الإدارة
الجنس : عدد المساهمات : 1055 نقاط : 1693 تاريخ الميلاد : 09/01/1987 تاريخ التسجيل : 07/09/2010
| موضوع: حكم حلول الحوادث في ذات الله تعالى الثلاثاء سبتمبر 14, 2010 2:47 pm | |
| أوضح الإمام الطبري مذهبه فيهذه القضية في كتابه التبصير في معالم الدين , ومذهبه هو مذهب السلفالصالح رضوان الله تعالى عليهم , وهو مناقض ومباين لمذهب الإمام ابن تيميةومن تبعه وقلده في هذه المسألة . ولا يخفى على متأمل ما أرومه من مقارنتي بين مذهب الطبري السلفي ومذهب ابنتيمية الذي كثيرا ما يعزو للسلف من الأقوال ما هم بريئون منه , بل معادونله أشد العداء , ومنابذون له كل المنابذة . فمذهب ابن تيمية لم يعد مذهبا خاصا به ارتآه وبناه على ما ظهر له , ثم مضىومضى مذهبه معه , كلا , بل هو اليوم مذهب يدعى إليه بقوة , ويضلل من لايقول به , لأنه ـ كما يزعم مقلدو ابن تيمية ـ هو مذهب السلف الصالح , ومنهنا يتوجب على كل من يستطيع البيان أن يوضح مذهب السلف الصالح الحقيقيالذي يباين الصورة التي صورها ابن تيمية سابقا والتي يصر مقلدوه اليومعليها . وعسى أن تكون هذه المقارنات شيئا من المساهمة في هذا التوضيح الذي ذكرت .
قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى في كتابه التبصير في معالم الدين ص/ 202 : ( ... ومن أبى ما قلنا في ذلك , قيل له : أخبرنا عن الكلام الذي وصفت أنالقديم به متكلم .. أخلقه ـ إذ كان عنده مخلوقا ـ في ذاته , أم في غيره ,أم قائما بنفسه ؟ فإن زعم أنه خلقه في ذاته فقد أوجب أن تكون ذاته محلا للخلق , وذلك عند الجميع كفر . وإن زعم ..... ) انتهى .
وهذا موضع الشاهد من كلامه رحمه الله تعالى , أن الاعتقاد بأن ذات الله تعالى محل للحوادث والخلق كفر عند الجميع . ولا يعكر على ما نريد , كونه رحمه الله تعالى عبر بقوله ( خلقه في ذاته... وأن ذاته محل للخلق ) لأن المعنى جلي وواضح , فالذي يعنيه الطبري أنهتعالى منزه عن أن يكون في ذاته ما لم يتصف به أزلا , أي أنه قد حدث وتجددوكان في ذاته ما لم يكن قبل , وهذا حكمه الكفر عند الجميع .
إلا أن ابن تيمية لا ينكر كونه كفرا فحسب , كلا , بل يعده عين الحق والسنة , وصريح مذهب السلف الصالح الذي لا يحيد عنه إلا ضال . ولقد أطال كثيرا في كتبه من ذكر هذه المسألة , وتنوع في إثباتها أسلوبه ,كما تنوع أيضا أسلوبه في التشنيع على خصومه لأجلها , ويكفينا هنا أن نذكرأحد نصوصه المصرحة بمذهبه المناقض لما ذكره الطبري .
قال رحمه الله تعالى وعفا عنه في منهاج السنة 2 /381 : ( فإذا قالوا لنا : فهذا [ يعني مذهبه أن كلامه تعالى حادث شيئا بعد شيء بمشيئته وقائم بالذات ] يلزم أن تكون الحوادث قامت به . قلنا : ومن أنكر هذا قبلكم من السلف والأئمة ؟! ونصوص القرآن والسنة تتضمنذلك مع صريح العقل , وهو لازم لجميع الطوائف , ومن أنكره فلم يعرف لوازمهوملزوماته ) انتهى .
وهذا نص معلن بكل صراحة عما يريده . ففي الوقت الذي يصرح الطبري أن اعتقاد حلول الحوادث والمخلوقات في ذاتهتعالى كفر عند الجميع , يعلن ابن تيمية أن هذا الاعتقاد بعينه هو معتقدالسلف والأئمة وهو صريح القرآن والسنة والعقل , بل هو لازم لا فرار منهلكل الطوائف !!
ولكننا نعلم يقينا أن ابن تيمية مخطئ في ما قاله وذهب إليه , بيد أن علمناهذا غير مجد في إقناع من نريد إقناعه ما لم ننقل من كتب القوم المقبولةلديهم والمشهورة عندهم بنقل عقائد السلف الصالح .
من هذه الكتب التي يحتفل بها إخواننا ( السلفية ) هداهم الله تعالى كتاب الحيدة للكناني .
جاء في هذا الكتاب ص/127 : ( قال عبدالعزيز [ يعني الكناني ] فأقبل علي المأمون , فقال : ياعبدالعزيز تكلم أنت في شرح هذه المسألة وبيانها , ودع بشرا [ يعني المريسي] فقد انقطع عن الجواب من كل جهة . فقلت : نعم يا أمير المؤمنين , سألته عن كلام الله أمخلوق هو ؟ فقال : نعم. فقلت له يا أمير المؤمنين ما يلزمه في هذا القول , وهو واحدة من ثلاث لابد منها : أن يقول إن الله خلق كلامه في نفسه , أو خلقه في غيره , أو خلقهقائما بذاته . فإن قال : إن الله خلق كلامه في نفسه . فهذا محال , لايجد السبيل إلى القول به من قياس ولا نظر ولا معقول , لأن الله تباركوتعالى لا يكون مكانا للحوادث , ولا يكون فيه شيء مخلوق , ولا يكون ناقصافيزيد فيه شيء إذا خلقه تعالى الله عن ذلك وجل وتعاظم .... ) انتهى المقصود من النص .
والكناني بإقرار ابن تيمية نفسه أنه ممن ينقل مذهب السلف , ومناظرته هذه مع المريسي محل اعتبار وتقدير عنده وعند مقلديه . وها هو يصرح في كتابه هذا بنقيض ما عزاه ابن تيمية للسلف , ولعل القارئيرى بوضوح وجه التشابه بين كلام الطبري والكناني , ولو أنني نقلت الكلامبتمامه لظهر بجلاء قدر التطابق بين التعبيرين , وهذا قد يشير إلى ذلكالوضوح الذي كانت عليه هذه القضية في أذهان العلماء المتقدمين من السلفوالذين جاءوا بعدهم . وغريب حقا أن تكون هذه القضية بكل هذا الوضوح عند هؤلاء العلماء وتعاملهممعها بهذه الشدة التي تظهر من هذين النصين , ثم يدعي ابن تيمية مشنعا علىخصومه الموافقين للسلف الصالح , يدعي أنه لا أحد من السلف والأئمة قالبقولهم المخالف ـ بزعمه ـ للقرآن والسنة والعقل !!! إنه غريب حقا ويدعو إلى التأمل طويلا في كلام هذا الشيخ وفي الأساس الذي انطلق منه !---- ملتقى النخبة. | |
|
الحياوي مشرف القسم الإسلامي
الجنس : عدد المساهمات : 277 نقاط : 322 تاريخ الميلاد : 06/10/1958 تاريخ التسجيل : 12/09/2010 الموقع : نسائم الإيمان
| |